فليس للعدم شيئيّة، و لا يمكن أن يتّصف بصفة، و أن يصير متعلّقا لشيء. نعم قد يكون وجود شيء مبغوضا لفساد فيه، فتنسب المحبوبيّة إلى عدمه عرضا بعد تصوّره بالحمل الأوّلي.
هذا، مع أنّ النهي كالأمر ينحلّ إلى مادّة و هيئة، و المادّة نفس الماهيّة كمادّة الأمر، و مفاد الهيئة هو الزجر عنها أو عن وجودها بالمعنى الحرفيّ، كما سبق في الأمر، فالبعث و الزجر متعلّقان بالماهيّة، و ليس في النهي ما يدلّ على العدم لا اسما و لا حرفا، فقوله: «لا تضرب» كمرادفه في الفارسيّة «نزن» ليس مفاده عرفا و تبادرا إلاّ ما ذكر، مع أنّه لو صرّح بطلب العدم لا بدّ من تأويله، لما تقدّم.
و بما ذكرنا- من أنّ متعلّق النهي كالأمر هو الماهيّة أو وجودها، و أنّ النهي زجر لا طلب- يسقط النزاع في أنّ متعلّق الطلب فيه الكفّ أو نفس أن لا تفعل [1].
ثمّ إنّه لا إشكال في أنّ مقتضى النهي لدى العرف و العقلاء يخالف مقتضى الأمر [1]، بأنّ الأمر إذا تعلّق بطبيعة يسقط بأوّل مصداقها، بخلاف النهي، فإنّ مقتضاه ترك جميع الأفراد، فهل ذلك من ناحية اللغة، أو حكم العقل، أو العرف؟
ذهب المحقّق الخراسانيّ إلى أنّ مقتضى العقل أنّ الطبيعي يوجد بوجود
[1] تعرّض له الأراكي في المرّة و التكرار. [منه قدّس سرّه].