و كذا قاعدة الضرر و الحرج و الغرر، فإنّها مقيّدات للأحكام و لو بنحو الحكومة، فلا تكون آليّة بل استقلاليّة، و إن يعرف بها حال الأحكام.
نعم يخرج بهذا القيد بعض الأُصول العمليّة، كأصل البراءة الشرعيّة المستفاد من حديث الرفع [1] و غيره، و لا غَرْوَ فيه لأنّه حكم شرعيّ ظاهريّ كأصل الحلّ و الطهارة [1].
[1] و لك أن تدرج المسائل المتداخلة في هذا العلم، كالمسائل المتقدّمة- اللغويّة و الأدبيّة و غيرهما- و تميّزها عن غيرها بقولنا: «قواعد آليّة» بما فسّرناها، و تكون المسألة الأدبيّة- بما أنّها آلة- أُصوليّة، و بما أنّها استقلاليّة أو بجهات أُخرى من مسائل الأدب أو غيره، لكن لا بدّ أن يُراد بالاستنتاج- حينئذ- أعمّ ممّا بلا واسطة، لكن التحقيق هو ما تقدّم [2]، و الدليلُ عليه- بعد الوجدان- التعريفُ المشهور [3].
كما أنّ التحقيق: أنّ أصل البراءة الشرعية من الأُصول، و ماهيّته ليست غير أصل البراءة العقليّة، بل العقل و النقل متطابقان على معذوريّة الجاهل، كقوله تعالى: «مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً» [4]، و «لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً ...» [5] إلخ، و قوله: (الناس في سعة ما لا يعلمون) [6]، و حديث الرفع؛ بناءً على كونه لرفع المؤاخذة.
و أمّا مثل: (كلّ شيءٍ حلال ...) [7] و حديث الرفع، بناءً على رفع الحكم و رفع الشرطيّة و الجزئيّة، و (كلّ شيء مطلق) [8] بناءً على كونه بمعنى المباح، لا على احتمال آخر، فأجنبيّ عن أصل البراءة، بل هي أحكام فقهيّة، فأصل البراءة مسألة أُصولية، و أصل الإباحة و الحِلّ فقهيّة، فافهم. [منه قدّس سرّه]
______________________________
[1] الخصال: 417- 9 باب التسعة، الوسائل 11: 295- 1 باب 56 من أبواب جهاد النّفس.
[6] الكافي 6: 297- 2 باب نوادر، الوسائل 16: 373- 2 باب 38 من أبواب الذبائح، و الرواية في المصدرين هكذا: (هم في سعةٍ حتى يعلموا)، و الأقرب لما في المتن نصاً و معنىً ما في عوالي اللئالي 1: 424- 109، و هو: (إنّ الناس في سعة ما لم يعلموا).
[7] الكافي 5: 313- 40 باب النوادر من كتاب المعيشة، الفقيه 3: 216- 92 باب 96 في الصيد و الذبائح، الوسائل 12: 59- 1 باب 4 من أبواب ما يكتسب به و 17: 90- 92- 1 و 2 و 7 باب 61 من أبواب الأطعمة المباحة.
[8] الفقيه 1: 208- 22 باب 45 في وصف الصلاة ...، الوسائل 18: 127- 60 باب 12 من أبواب صفات القاضي.