عن الواقع، و إيجاب العمل على طبقها إنّما هو لمحض الكاشفيّة عن الواقع المحفوظ من غير تصرّف فيه و انقلاب، و إلاّ لخرجت الأمارة عن الأماريّة.
و ما قد يقال: إنّ لسان دليل الحجيّة في الأمارات و الأصول سواء، و هو وجوب ترتيب الأثر عملا على قول العادل، فمقتضى قوله: «صدق العادل» هو التصديق العمليّ و إتيان المأمور به على طبق قوله، و هو يقتضي الإجزاء كما يأتي في الأصول [1] غير تامّ، لأنّ إيجاب تصديق العادل لأجل ثقته و عدم كذبه و إيصال المكلّف إلى الواقع المحفوظ، كما هو كذلك عند العقلاء في الأمارات العقلائيّة و لا يفهم العرف و العقلاء من مثل هذا الدليل إلاّ ما هو المركوز في أذهانهم من الأمارات، لا انقلاب الواقع عمّا هو عليه، بخلاف أدلّة الأصول على ما سيأتي بيانه [2].
و بالجملة: أنّ الإجزاء مع جعل الأمارات و إيجاب العمل على طبقها- لأجل الكشف عن الواقع كما هو شأن الأمارات- متنافيان لدى العرف و العقلاء، هذا من غير فرق فيما ذكرنا بين الأمارات القائمة على الأحكام أو الموضوعات.