و الدليل عليه: أن الإغراء و البعث إذا صدر من المولى بأي دال كان، لزم عند العقلاء إطاعته، من غير فرق بين اللفظ و الإشارة مع عدم وضع لها، و لا تجري فيها مقدمات الحكمة، فنفس صدور البعث و الإغراء موضوع حكمهم بلزوم الطاعة من غير حكمهم بكشفه عن الإرادة الحتمية، لعدم الملاك فيه كما عرفت. فكون الأمر للوجوب ليس إلا لزوم إطاعته عند العقلاء حتى يرد منه ترخيص. و لعل ذلك مغزى مرام شيخنا العلامة أعلى اللَّه مقامه.
تتميم: في الجمل الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء:
لا إشكال في أن الجمل الخبرية المستعملة في مقام البعث و الإغراء كالهيئات في حكم العقلاء بلزوم إطاعتها، لما عرفت من أن البعث- بأي دال صدر من المولى- كان تمام الموضوع للزوم الاتباع، و إنما الكلام في كيفية دلالتها على البعث.
و الّذي يمكن أن يقال: إنها مستعملة في معانيها الخبرية بدعوى تحققها من المخاطب، مدعيا أن المخبر به أمر يأتي به المخاطب من غير احتياج إلى الأمر، لوضوح لزوم إتيانه بحكم العقل، كما إذا قلت: «إن ولدي يصلي» أو «إنه يحفظ شأن أبيه» بداعي إغرائه بذلك، فإنك تستعمل الجملة في معناها بدعوى كون الأمر بمكان من الوضوح لا يحتاج إلى الأمر، بل يأتي به بتميزه و عقله.
و ما ذكرنا موافق للذوق السليم و المحاورات العرفية.