responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : المجاهد، السيد محمد    جلد : 1  صفحه : 81
لا يمتنع أن يكون الواضعون للّغة وضعوا و نصّوا على أنها إذا استعملت في شي‌ء بعينه كانت حقيقة و متى استعملوها في غيره كانت مجازا و إن لم يقع استعمال اللّفظة في شي‌ء من المعنيين ثم يطرأ على الوضع الاستعمال فربّما استعملوها أولا في الحقيقة و ربّما استعملوها أولا في المجاز و إنما كان يتم ذلك لو جعلوا الاستعمال نفسه طريقا إلى معرفة الحقيقة فيجعل ما ابتدأ باستعماله حقيقة و قد بينا أنا لا نقول ذلك و أمّا ما قيل من أن وضع اللّفظ لمعنى من دون استعماله فيه يستلزم خلوّ الوضع عن الفائدة لأن فائدة وضع اللّفظ لمعنى أنما هو استعماله فيه ففيه ما عرفت من أن التجوز فيما يناسب الموضوع له من فوائد الوضع و هو حاصل و أن الوضع للاستعمال يقتضي حصول الاستعمال إذ ليس كلّما يقصد من الشي‌ء يترتب عليه نعم لو اكتفي في صدق الحقيقة يتحقق الوضع و لم يعتبر فيها الاستعمال على ما يوهمه تعريف بعضهم لها بأنّها اللّفظ الموضوع لمعنى اتجه القول باستلزام المجاز الحقيقة لأن المجاز يستلزم الوضع قطعا لكن ذلك خلاف المعروف بينهم كيف و قد صرّحوا بأن اللّفظ قبل الاستعمال ليس بحقيقة و لا مجاز بالاتفاق ثم لو سلمنا بأن المجاز يستلزم الحقيقة فهو إنّما يستلزم الحقيقة الواحدة و ذلك إنما يقتضي ثبوت أصل الحقيقة في المقام الأوّل و الكلام هنا في الثاني فإن قيل لعل المقصود ترجيح الحقيقة على المجاز بنفس الأصالة و الفرعية و هذا لا يختلف فيه الحال من حيث الاتحاد و التعدد فإن الحقيقة مستقلّة بنفسها غير متوقفة على ثبوت وضع آخر للفظ سواء اتحدت أو تعددت بخلاف المجاز فإنه ليس بمستقل بل هو موقوف على تحقق معنى سابق للّفظ و المستقل أولى من التابع قلنا لو سلمنا استقلال الحقيقة بإطلاقه فذلك لا تأثير له في ترجيح الحقيقة على المجاز في مقام الشّك في تحقق الوضع كما هو المطلوب فإن استقلال الحقيقة لا يورث الظن بكون اللفظ حقيقة في المعنى لا مجازا كما لا يخفى على من راجع وجدانه و لو سلم حصول الظن بواسطة الاستقلال فاعتبار مثل هذا الظن في المسائل اللّغوية غير مسلم فإن طريق إثبات اللّغة هو النقل دون العقل على أنا لو سلمنا ذلك كلّه فغاية الأمر ثبوت الحقيقة و الوضع بهذا الوجه و المقصود هاهنا إثبات أن ظاهر الاستعمال هو الحقيقة و من المعلوم أن ثبوت الحقيقة بهذا الوجه لا يقتضي كونها هي الظاهر في الاستعمال فلا يتم التّقريب انتهى و أما الثالث فلما ذكره السيّد الأستاذ رحمه الله أيضا فقال بعد الإشارة إليه و يتوجّه عليه أن دعوى انحصار طريق المجاز في النّص و الظاهر مما لا شاهد له و لا برهان عليه و استدلال الفقهاء على المجاز بالأمارات و العلامات بمقتضى الأصول و القواعد شائع معروف بحيث لا يمكن إنكاره و ردّ هذا هدم لباب عظيم من أصول الفقه و لا أرى السيّد يلتزم ذلك كيف و مصنفاته خصوصا ما ألّفه في فن الأدب مشحونة بإثبات التجوز بالاستدلال و القول بأن التجوز فيما أورده هناك معلوم عنده بالظاهر و أنما ذكر ما ذكر فيها على سبيل التنبيه خروج عن الإنصاف و أيضا أيّ فرق بين التجوز و غيره من المطالب حتى جاز الاستدلال فيها بأسرها و لم يجز الاستدلال في خصوص التّجوز فإن قال يمكن الاستدلال في الجميع و لكنه معهود فيما عدا التجوز و ليس بمعهود فيه قلنا له إن صح الدّليل و سلّمت مقدماته فلا يقدح فيه كونه غير معهود و إلا كفي فساده في نفسه عن الاحتجاج عليه بعدم المعهودية و أيضا لو صحّ ما ذكره لكان للقائل بالمجاز أن يحتجّ بمثله على نفي الحقيقة و ذلك أنه لو كان للفظ حقيقة في المعنى الثاني لوجب أن يكون منصوصا عليه في اللّغة أو معلوما بالضرورة و التالي باطل لأن الوضع للثاني لو كان ضروريا أو منصوصا لارتفع الخلاف فالمقدم مثله فوجب القول بأنه مجاز في ذلك فإن قيل لعل الوضع للثّاني بطريق النظر و الاستدلال دون النّص و الظاهر قلنا كيف وجب في كل شي‌ء استعمله أهل اللّغة و أرادوا به معناه الّذي وضع له مثل حمار و أسد في الحيوانين المعروفين و قوله تعالى أتى أمر اللّه و إذا جاء نصر اللّه و نظائر ذلك حصول العلم الضّروري بالحقيقة بغير إشكال و لا حاجة إلى نظر و استدلال و لم يجب مثله هاهنا و كيف وقف الوضع في هذا الموضع على الاستدلال و لم يعهد مثله في باب الحقيقة فإن قيل إثبات الوضع بطريق الاستدلال معروف قرّره الفقهاء و الأصوليّون و لم ينكر أحد منهم و كيف يمكن إنكار ذلك في خصوص الوضع و لا فرق بينه و بين غيره من المطالب فكما جاز ذلك في غير الوضع جاز فيه إلى آخر ما ذكرناه هناك قلنا ذلك يجري في المجاز حرفا بحرف و بالجملة فنحن لا نجد فرقا بين إثبات المجاز بالدليل و إثبات الحقيقة به فإن جاز أحدهما جاز الآخر و إن امتنع و الفصل بينهما فصل بين أمرين لا فصل بينهما و ليس للسيّد أن يقول إن الحقيقة في جميع الألفاظ تعرف بالنّص أو الظاهر أيضا كالمجاز من دون حاجة إلى نظر و استدلال إذ لو كان كذلك لزم أن يكون المسائل الّتي ادعى السّيّد فيها الاشتراك على خلاف المشهور كمسألة ألفاظ العموم و مسائل الأمر و النّهي و غيرهما ضرورية معلومة لنا بالضرورة أو منصوص عليها في اللّغة و ذلك باطل بالضرورة و أيضا لو كانت تلك المسائل ضرورية لما وقع فيها الخلاف و الخلاف فيها ظاهر معروف ثم إن ما ذكره لو صح فإنما يدلّ على أن اللفظ مشترك بين الجميع و أمّا أن ظاهر الاستعمال هو الاشتراك و الوضع للجميع فليس فيما ذكر دلالة عليه قطعا

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : المجاهد، السيد محمد    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست