responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ مرتضى الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 61
ثم ينبّه على أن المقصود هو الامتثال بالأمر و لا يجوز أن يكون الكلام الملقى لإفادة نقض المطلوبية مقيدا للوجه المذكور و أما الثاني فلما عرفت من أنه لا معنى لإطلاق الهيئة إذ مفادها مما لا يتصور فيه الاختلاف و ذلك ظاهر لا يقال إن التمسك بإطلاق المادة في محله إذ يصح أن يقيد الفعل بعدم الدواعي المنتقشة في النفس باعتبار قواها الشهوانية و غيرها مما لا يرجع إلى الأمر و حيث إن المفروض استحالة صدور الفعل الاختياري من الفاعل من دون ما يدعوه إلى الفعل فلا مناص للمكلف إلا إتيانه بداعي الأمر ففيما إذا شك في التعبدية و التوصلية يمكن الأخذ بإطلاق الفعل المحتمل تقيّده بعدم الدواعي النفسانية لأنا نقول ذلك وهم فاسد إذ لا فرق فيما يمتنع تقييده بشي‌ء بين أن يكون القيد هو ذلك الشي‌ء أو عدم أضداده على وجه يفضي بالأخرة إليه و على تقدير عدم الإفضاء لا يجدي شيئا إذ لعله يكتفي بغيره كما هو ظاهر و بالجملة فالفعل الملحوظ فيه لحوق الأمر موضوع للامتثال و لا يعقل اعتبار شي‌ء في نفس الفعل فيما إذا كان عروضه عليه بواسطة الأمر المتأخر عنه رتبة و من ذلك يعرف أن التفصيل بين ما إذا كان الكاشف عن الطلب هو اللفظ و ما إذا كان الطلب مدلولا عليه بوجه من الوجوه اللبية مما لا وجه له إذ الدال على التقييد المذكور على تقدير وجوده مما لا يفرق فيه الأدلة اللفظية و اللبية على نحو اختلاف فبهما كما لا يخفى و على تقدير عدمه فلا فرق بينهما أيضا فالحق الحقيق بالتصديق هو أن ظاهر الأمر يقتضي التوصلية إذ ليس المستفاد من الأمر إلا تعلق الطلب الذي هو مدلول الهيئة للفعل على ما هو مدلول المادة و بعد إيجاد المكلف نفس الفعل في الخارج لا مناص من سقوط الطلب لامتناع طلب الحاصل و ذلك في الأدلة اللفظية ظاهر و أما فيما إذا كان الدليل هو الإجماع ففيه أيضا يقتصر على ما هو المعلوم استكشافه منه و المفروض أنه ليس إلا مطلوبية الفعل فقط و بعد حصوله لا بد من سقوطه و أما الشك في التقييد المذكور فبعد ما عرفت من أنه لا يعقل أن يكون مفادا بالكاشف عن الطلب لا بد له من بيان زائد على بيان نفس الطلب و الأصل عدمه و احتمال العقاب على ترك الامتثال يدفع بقبح العقاب من دون بيان كما هو المحرّر في أصالة البراءة من غير فرق في ذلك بين الكواشف اللفظية أو غيرها و من غير ابتناء له على ما قرر في محله من الخلاف المشهور بينهم في البراءة و الاشتغال عند الشك في الجزئية و الشرطية إذ لا ينبغي للقائل بالاشتغال فيما إذا كان المكلف به مجملا كالصلاة على الصّحيح مع الشك في اعتبار شي‌ء فيه القول به فيما إذا كان المطلوب أمرا معلوما مع الشك في اعتبار أمر آخر فيه كما فيما نحن فيه فظهر فساد ما قرره المستدل من أنه على تقدير أن يكون الدليل لبيا يكون الأمر راجعا إلى الخلاف المقرر نعم قد يكون القول بالاشتغال فيما يكون الشك في كيفية الامتثال بعد معلومية وجوب نفس الامتثال من الشرع لأن الكيفيات المتعلقة بالامتثال من الأمور التي وكلها الشارع إلى العقل لا يحتاج إلى بيان منه في ذلك فلا قبح في العقاب عليه بعد إمكان الاحتياط كما أنه يمكن القول بالاشتغال أيضا فيما إذا لم يكن الامتثال معلوما أيضا نظرا إلى أن الشك في المكلف به حيث إن المقصود في الواقع هو أمر واحد و إن احتاج بيانه على تقدير التعبدية إلى أمر زائد على بيان نفس مطلوبية الفعل ظاهرا كما لا يخفى فتأمل و لا يذهب عليك أن ما ذكرنا من احتياج التعبد إلى بيان زائد غير ما دل على الطلب لا يلازم أن يكون للفعل ثوابان أحدهما لنفس الفعل و ثانيهما للامتثال لتعدد الأمر الملحوظ فيهما كما توهمه بعض من لا دراية له لما عرفت من أن المقصود حقيقة واحدة فلا يعقل تعدد الثواب و العقاب و اللّه ولي التوفيق و الهداية هداية في أن بعد كون الأصل في الأوامر التوصلية هل يدل دليل على خلافه أم لا بعد ما عرفت من أن ظواهر الأوامر قاضية بالتوصلية فهل هناك ما يقضي بخلافه من الأدلة الخارجة عن مقتضى الأمر قيل نعم و التحقيق أنه لا دليل على ذلك و يمكن الاحتجاج للأول بوجوه الأول قوله تعالى و ما أمروا إلاّ ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين و نسبه بعض الأجلة إلى العلامة و الموجود من كلامه في المنتهى ما يخالف ذلك حيث إن المطلوب في المقام هو إثبات الأصل في الأوامر و ما رام به العلامة فيه إثبات اشتراط العبادة بنية القربة قبالا لأبي حنيفة حيث زعم عدم اشتراط الوضوء بالقربة و الظاهر أنه تبع في ذلك المحقق في المعتبر حيث أفاد في بحث الوضوء و يشترط استحضار نية القربة لقوله تعالى و ما أمروا إلا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين و لا يتحقق الإخلاص إلا مع قصد القربة و كيف كان فالاستدلال بالآية على وجه ينطبق على المدعى في المقام بأحد وجهين أحدهما أنه تبارك و تعالى حصر المأمور به لأهل الكتاب في العبادة و لا يتحقق العبادة إلا بقصد الامتثال فيجب عليهم الامتثال و ينسحب هذا الحكم في شريعتنا أيضا لما قرر من جواز استصحاب الأحكام الثابتة في الشرائع الماضية و إن أبيت عن ذلك فيدل عليه قوله و ذلك الدين القيم أي المستقرة الثابتة التي لا ينالها النسخ و ثانيهما أنهم قد أمروا بالإخلاص في الدين و هو عبارة عن مجموع الأعمال و العقائد الشرعية و الإخلاص بها لا يتم إلاّ عند قصد الامتثال و يتم في حقنا بالوجهين و الجواب أما عن الوجه الأول فبأنه إن أريد من الحصر المأمور به في العبادة أن التعبد بالأوامر الواردة في الإنجيل و التوراة ينحصر غاياتها بالتعبد على أن يكون كلمة اللام للغاية كما يظهر من استدلال بعض أصحابنا بالآية في قبال الأشعري القائل بالجزاف في أفعاله تعالى فهو فاسد جدّا لأن المنساق من الآية أنها ليست للغاية بل من المعلوم بواسطة ملاحظة نظرائه في الآيات القرآنية أنها لام الإرادة و الأمر الداخلة على المراد و المأمور به كما في قوله أمرنا لنسلم لربّ العالمين و أمرت لأن أكون أوّل من أسلم

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ مرتضى الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست