responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ مرتضى الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 54
في الحال مقدمة الفعل يصير المكلف داخلا في عنوان غير القادر و العاجز و لا تكليف على العاجز فلا مخالفة لأنها فرع التكليف و القول بلزوم تحصيل القدرة يوجب القول بوجوب المقدمة الوجوبية و لعله مما لا يمكن الالتزام به قلت إن الحاكم باشتراط الوجوب بالقدرة هو العقل لامتناع التكليف بما لا يطاق في حق الحكيم و ليس يمتنع التكليف بالفعل مع تمكنه و اقتداره قبل الوقت و أما منعه نفسه من تعلق التكليف به فهو أمر راجع إلى المعصية الحكمية إذ كما أن العقل حاكم بقبح المخالفة كذلك أيضا حاكم بقبح تفويت التكليف كما يظهر من ملاحظة إطباق العدلية على استحقاق العقاب لمن سمع دعوى النبوة و لم ينظر في المعجزة و كما يظهر ذلك فيما إذا أراد المولى إعلام عبده لمراده مع امتناع العبد من أن يصغى إلى أمره بل و ذلك ربما يكون أعظم مخالفة م ن تفويت المكلف به كما لا يخفى بل ربما يقال بأن العاجز المذكور حينئذ مكلف بالفعل واقعا و إن لم يكن قادرا عليه لأن الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار إذ لا اختصاص لهذا القول عند أصحابه بما إذا كان التكليف منجزا كما إذا قطع يده بعد الزوال بل يجري مناط كلامهم فيما إذا صار المكلف سببا لارتفاع نفس التكليف على أي وجه كان فيشمل المورد أيضا إلا أن التحقيق أن الممتنع بالاختيار ينافي الاختيار تكليفا و خطابا و لو كان ابتلائيا لعلم الممتنع عليه بامتناعه في حقه فلا يصلح للخطاب أصلا و إنما لا ينافي الاختيار عقابا كما ستعرف الوجه في ذلك فيما سيأتي إن شاء الله فعلى هذا فالتارك المذكور معاقب و لكنه ليس مخاطبا و عقابه إنما هو عقاب تفويته التكليف على نفسه فإن قلت ذلك يلازم القول بوجوب جميع المقدمات قبل الوقت مع العلم بعدم تمكنه منها بعد الوقت مع أن الظاهر عدم وجوب بعض المقدمات قبل الوقت و إن أدى ذلك إلى ترك ذيها في الوقت كما في إحراز الماء قبل الظهر قلت قد عرفت أن الماء يجب إحرازه قبل الوقت كما صرح به الوحيد البهبهاني و وجهه ما ذكرنا و لو سلم فكلما علمنا بجواز ترك المقدمة قبل الوقت كما إذا استفدنا ذلك من إجماع أو دليل آخر نقول إن شرط الوجوب في ذلك الواجب هو القدرة على ذلك الواجب و شرائطه في زمان وجوبه فيكون من الشروط الشرعية و ليس ذلك تخصيصا لحكم العقل إذا القدرة المعتبرة في الفعل إذن قدرة خاصة بحسب حكم الشرع فلا يجب تحصيل الراحلة قبل حصول الاستطاعة و إن علم باستطاعة فيما بعد و لا يجب إحراز الماء أيضا كما قد يمكن استفادة ذلك من دليل الوضوء فإن إقامة الصلاة إنما هي بعد الوقت و قد توقف وجود الوجوب بوجدان الماء حال إرادة الإقامة التي هي توجد بعد الوقت كما لا يخفى و بالجملة فإن دل دليل على عدم الوجوب فلا بد من القول بأن الشرط هو القدرة الخاصة و إلا فيجب الإتيان بالمقدمة و قد يفرق في ذلك بين ما إذا كان الأمر الموقوف عليه الوجوب صفة راجعة إلى جنس المكلف على وجه يختلف بها أنواعه كالمسافر و الحاضر و المستطيع و غيره و واجد النصاب و غيره و بين ما إذا لم يكن كذلك فيقال بعدم وجوب المقدمة الوجودية في مثل الأول لأن التكليف غير متوجه إلى غير المستطيع لأنه لا يكون عرضة للتكليف حال عدم الاستطاعة فلو أخل بشرط من شروط الواجب كأن لم يحصل الراحلة فليس في ذلك تفويت التكليف فلا مخالفة لا حقيقة و لا حكما و من هنا تراهم يقولون بأن إدخال المكلف نفسه في موضع التكليف ليس بواجب و يقال بالوجوب فيما لا يرجع إلى اختلاف موضوع المكلف و بيان ذلك أن الصفة تارة تؤخذ عنوانا في الحكم على وجه لا مدخل للوصف العنواني في موضوع المكلفين فيكون قيدا للفعل المكلف به فيكون المكلف حينئذ هو الذات التي تكون تلك الصفة عنوانا فيها و انتفاء الشرط في الفعل و إن كان يوجب انتفاء التكليف إلا أن ذلك لا يوجب انتفاء موضوع المكلف و تارة يؤخذ قيدا للمكلف كما إذا قيل يجب الحج على المستطيع كما يقال في الأول إن دخلت الدار فافعل فيما إذا لم يكن الملحوظ تنويع المكلفين بل كان المقصود تقسيم الفعل المكلف كذا أفاد دام ظله و لكنه بعد محل تأمل إذ لا نجد فرقا في محصل المعنى بين العبارتين على ما هو المناط في المقام و على تقدير الفرق ففي الموارد ما لا يمكن استفادة ذلك الفرق كما لا يخفى و قد يؤيد ما نحن بصدده من حرمة تفويت التكليف ببعض الأخبار فمنها ما رواه الشيخ في زيادات التهذيب عن محمد بن الحسن عن صفوان عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام سئل عن الرجل يقيم في البلاد الأشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي و إصلاح الإبل قال عليه السلام لا و يظهر منه أن وجه منعه عليه السلام الإقامة في مثل ذلك المكان إنما هو تفويته التكليف على نفسه قبل مجي‌ء زمانه و منها ما رواه أيضا عن العبدي عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب في السفر فلا يجد إلا الثلج أو ماء جامدا قال هو بمنزلة الضرورة يتمم و لا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه و الظاهر منه أيضا المنع من تفويت التكليف و منها الأخبار الدالة على عدم جواز الإقامة في البلاد التي لا يتمكن المكلف فيها من إقامة أحكام اللّه و حدوده و منها ما دل على أن المفتري بالرؤيا يؤمر بأن يعقد شعيرة و ما هو بعاقدها فإنه يدل على أن التكليف الذي نشأ من المكلف امتناعه لا ضير في ذلك و الظاهر أن هذه الروايات مما لا ربط لها بما نحن بصدده لعدم التعويل عليها في مواردها و أنما أوردناها تأييدا و العمدة هو ما عرفت من حكم العقل باستحقاق العقاب في الموارد المذكورة و الخبير بمطاوي كلمات الأساطين يطلع على امتثال ما ذكرنا فمن تنبه لمثل ما ذكرنا أستاذ الكل في الكل المحقق السبزواري و السيد العلامة بحر العلوم في المصابيح و يستفاد ذلك من أصحابنا في الفروع الفقهية أيضا فمن جملتها حكمهم بأن المرتد الفطري مأمور بالعبادات المشروطة صحتها بالإسلام الغير التمكن في حقه بناء على عدم قبول توبته إذ لا يعقل لذلك وجه إلاّ عقابه على تفويته التكليف على نفسه قبل مجي‌ء زمان التكليف و منها حكمهم بعقاب الكافر على ترك قضاء عباداته مع أنه غير متمكن في حقه إذ هو مشروط بالإسلام فإما يراد امتثال التكليف بالقضاء

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ مرتضى الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست