responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ مرتضى الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 41
أن من المحقق في مقامه أن الأحكام الوضعية مما لا تقبل الجعل فإنها أمور واقعية قد كشف عنها المطلع عليها فمرجع اشتراط الصلاة بالطهارة إلى أن الشارع قد كشف عن توقف وجود الصلاة بحسب الواقع على الطهارة فالصلاة الواقعية مما يمتنع حصولها بدون حصول الشرائط فمرجع المقدمة الشرعية إذا لم يكن على وجه التقييد أيضا إلى المقدمة العقلية و ذلك أمر ظاهر بعد الاطلاع على ما هو المحقق في محله و لا خفاء في دخول الأقسام الثلاثة كلها في النزاع و منها تقسيمها إلى مقدمة الصحة و مقدمة الوجوب و مقدمة العلم و مقدمة الوجود و التحقيق رجوع الثلاثة الأول إلى الأخيرة فإن وجود الصحة و الوجوب و العلم موقوف على مقدماتها إلا أنهم لاحظوا الموصوف بهذه الأوصاف فاعتبروا تقسيم المقدمة بالنسبة إليه ملاحظا فيه حال تلك الأوصاف فما يتوقف عليه وجود ذلك الموصوف هي مقدمة الوجود و ما يتوقف عليه الأمر به هي مقدمة الوجوب و ما يتوقف عليه صحة هي مقدمة الصحة و ما يتوقف عليه العلم بوجوده و تحققه هي مقدمة العلم و الأمثلة ظاهرة كنصب السلّم و الاستطاعة و الطهارة و إيقاع الصلاة في أربع جهات عند اشتباه القبلة ثم إنه لا شك في دخول مقدمة الوجود في النزاع و خروج مقدمة الوجوب إذ لا يعقل أن يكون مقدمة الوجوب واجبة لأن وجوب ذيها متفرع على وجودها فما لم يوجد لم يتحقق وجوب و على تقدير وجوده لا يعقل وجوبه لامتناع طلب الحاصل و لا فرق في ذلك بين أن يكون مقدمة الوجوب فقط أو كانت مع ذلك مقدمة للوجود أيضا و لا كلام في دخول مقدمة الصحة أيضا و هل المقدمة العلمية داخلة في حريم الخلاف مطلقا أو فيما إذا كانت خارجة عن حقيقة الواجب و لم يحتمل أن يكون هو الواجب كمسح جزء من الكعبين و غسل جزء من الرأس و ما فوق المرفق للعلم بحصول الواجب منها و أما إذا كانت المقدمة العلمية مما يحتمل مدخليتها في حقيقة الواجب شرطا أو شطرا و من جهة احتمال كونها نفس الواجب فلا خلاف فيها لأنها من موارد القاعدة التي قد أجمع الكل عليها من أن الشغل اليقيني يقتضي البراءة اليقينية أو تكون خارجة عن النزاع مطلقا لقطع العقل بوجوبها مطلقا وجوه بل و أقوال و التحقيق أن يقال إنه لا ينبغي انتزاع في المقدمة العلمية مطلقا بل ينبغي أن يكون وجوبها مفروغا عنه على تقدير و عدم وجوبه كذلك على تقدير آخر و توضيح ذلك أن الوجوب المتنازع فيه في المقام إن كان المراد به ما يترتب على فعل الواجب المتصف به الثواب و على تركه العقاب كما زعمه بعضهم فينبغي أن لا يكون المقدمة العملية محلا للنزاع و إن كان المراد به الطلب الحتمي الذي يكشف عنه العقل على وجه يكفي في حامل التكليف نفس حكم العقل من دون مدخلية لما يترتب عليه من الثواب و العقاب فالمقدمة العلمية مما لا ينبغي النزاع في وجوبها بيان الأول يحتاج إلى تمهيد فنقول إن الطلب يقع على وجهين أحدهما ما ينقدح في نفس الطالب و الآمر من الإرادة المتعلقة بالفعل على وجه المولوية و الآمرية و إن كان الداعي إلى ذلك الطلب و الأمر هو ما يترتب على نفس الفعل المطلوب بناء على ما ذهب إليه العدلية من الملازمة الثاني ما يوجده الطالب على جهة الإرشاد إلى ما هو الكامن في المأمور به لكن لا على وجه الآمرية و المولوية كما في أوامر الطبيب بالنسبة إلى المريض فإنها طلب حقيقي إلزامي لا يرضى بترك ما تعلق به أصلا و وقوع الطلب على هذين الوجهين مما لا ينبغي أن ينازع فيه و من لوازم الأول ترتب الذم و العقاب عند المخالفة فيما إذا كان الأمر ممن له أهلية ذلك و المدح و الثواب عند الإطاعة و من لوازم الثاني ترتب ما هو مترتب على نفس الفعل المطلوب من المنافع و المضار فقول الطبيب بردّ مثلا ينحل إلى جزء مادّي و هو التبريد و جزء صوري يفيد تعلق إرادة الطبيب بوجود التبريد من المريض لما فيه من المنافع الملائمة لطبيعة المريض و مخالفة قوله لا يترتب عليها شي‌ء عدا ما يترتب على مخالفته عدا ما يترتب على نفس ترك التبريد فالهيئة في الأمر لا يترتب على مخالفتها شي‌ء و قول المولى للعبد اضرب زيدا يترتب على مخالفة الضرب ما هو من لوازم عدمه من المفاسد و يترتب على نفس مخالفة المولى و ترك ما هو مراده الذم و العقاب فالهيئة الأمرية الكاشفة عن الإرادة الحتمية الطلبية لا يترتب على مخالفتها شي‌ء آخر سوى ما يترتب على عدم نفس المادة و انتفائه من المفاسد و إذ قد تقرر ذلك فاعلم أن الإتيان بالمقدمة العلمية في مورد الاحتياط اللازم إنما هو بواسطة تحصيل العلم بوجود ما هو المأمور به في الواقع و العلم بالامتثال و إن كان من الأمور الواجبة التي يستقل بها العقل إلا أن ذلك الوجوب وجوب عقلي إرشادي لا يترتب على امتثاله مصلحة زائدة على مصلحة المأمور به و لا على مخالفته عقاب آخر غير العقاب اللازم على تقدير ترك المأمور به و إذا كان حال ذي المقدمة على هذه المثابة فكيف يعقل أن يكون المقدمة مما يترتب على تركه العقاب أو على فعله الثواب فإن ذلك في الحقيقة راجع إلى وجوب الإطاعة و حرمة المعصية و من الأمور التي ينبغي أن لا يخفى على أوائل العقول أن الأمر بالإطاعة و لو كان أمرا شرعيا يمتنع أن يكون أمرا تكليفيا إذ الأمر الأول إما أن يكون كافيا في حمل المكلف على التكليف أو لا يكون فعلى الثاني لا يكون الأمر الثاني أيضا كافيا لاستوائهما في الطلب و اختلافهما في المادة مما لا يفيد شيئا إذ الحامل على التكليف هو الكاشف عن الطلب و لا دخل للمادة فيه و على الأول لا حاجة إليه و لا يعقل أن يكون تأكيدا للأول لأن المؤكد إنما يكون في مرتبة المؤكد و الأمر بالإطاعة إنما هو متفرع على الأوّل إذ الإطاعة عبارة عن الإتيان بالمأمور به فلا يتحقق لها مصداق إلا بعد تحقق مصداق الأمر فكيف يكون اللفظ الدال على طلب الإطاعة مطابقا في المدلول للأمر الأول كما في قولك اضرب اضرب مثلا نعم المطلوب منه في لب المعنى هو المطلوب في الأمر الأول و ذلك هو معنى الإرشاد في هذه الأوامر و بالجملة فقوله تعالى أطيعوا اللّه و رسوله لا يترتب على مخالفة بترك الإطاعة سوى ما يترتب على عدم مادة الإطاعة التي

نام کتاب : مطارح الأنظار نویسنده : الشيخ مرتضى الأنصاري    جلد : 1  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست