و من ضوء هذا البيان يظهر ان اخباره عن موت زيد على هذا التقدير لا يتصف بالكذب عند انتفائه يعني انتفاء هذا التقدير خارجاً و عدم تحققه فيه. و السبب في ذلك هو ان المناط في اتصاف القضية الشرطية بالصدق تارة و بالكذب أخرى ليس صدق التالي و مطابقته للواقع و عدم مطابقته له، بل المناط في ذلك انما هو ثبوت الملازمة بين المقدم و التالي و عدم ثبوتها، فان كانت الملازمة بينهما ثابتة في الواقع فالقضية الشرطية صادقة و الا فهي كاذبة من دون فرق في ذلك بين كون المقدم و التالي صادقين أم كانا كاذبين، بل لا يضر بصدقها كونهما مستحيلين في الخارج، و ذلك كقوله سبحانه و تعالى «لو كان فيهما آلهة الا اللَّه لفسدتا» فان القضية صادقة على الرغم من كون كلا الطرفين مستحيلا فلا يكون اخباره تعالى عن فساد العالم على تقدير وجود الآلهة كاذباً و غير مطابق للواقع، بل هو صادق و مطابق له، حيث ان اخباره سبحانه عنه لا يكون مطلقاً، بل يكون على تقدير خاص و هو تقدير وجود الآلهة في هذا العالم. نعم لو لم يقع الفساد فيه على تقدير وجود الآلهة لكانت القضية كاذبة لكشف ذلك عن عدم الملازمة بينهما في الواقع. و السر في ذلك أي في ان صدق القضية الشرطية و كذبها يدوران مدار ثبوت الملازمة بينهما في الواقع و نفس الأمر و عدم ثبوتها فيه و لا يدوران مدار صدق طرفيهما و كذبهما - هو ان المخبر به فيها انما هو قصد الحكاية و الأخبار عن الملازمة بينهما لا عن وجودي المقدم و التالي، لوضوح ان المتكلم فيها غير ناظر إلى انهما موجودان أو معدومان ممتنعان أو ممكنان و عليه فان كانت الملازمة في الواقع ثابتة و كان لها واقع موضوعي فالقضية صادقة و الا فهي كاذبة. و قد تحصل من ذلك ان القضية الشرطية على ضوء نظريتنا