و المقامات فقد تكون نتيجته في مورد تعلق الحكم بصرف الوجود، و قد يكون تعلق الحكم بمطلق الوجود، و قد يكون غير ذلك، و قد تقدم تفصيل ذلك بصورة موسعة في مبحث النواهي فلاحظ. (المجمل و المبين) لا يخفى أن المجمل و المبين هنا كالمطلق و المقيد و العام و الخاصّ مستعملان في معناهما اللغوي، و ليس للأصوليين فيهما اصطلاح خاص فالمجمل اسم لما يكون معناه مشتبها و غير ظاهر فيه، و المبين اسم لما يكون معناه واضحا و غير مشتبه. ثم أن المجمل تارة يكون حقيقيا و أخرى يكون حكميا، و نقصد بالأول ما كان اللفظ غير ظاهر في المراد الاستعمالي، و نقصد بالثاني ما يكون إجماله حكميا لا حقيقيا بمعنى أنه ظاهر في المراد الاستعمالي، و لكن المراد الجدي منه غير معلوم، و الأول لا يخلو من أن يكون إجماله بالذات كاللفظ المشترك، أو بالعرض كالكلام المحفوف بما يصلح للقرينية، فانه يوجب إجماله و عدم انعقاد الظهور له. و الثاني كالعام المخصص بدليل منفصل يدور امره بين متباينين كما إذا ورد (أكرم كل عالم) ثم ورد في دليل آخر (لا تكرم زيد العالم) و فرضنا ان زيد العالم في الخارج مردد بين شخصين: زيد بن خالد، و زيد بن عمرو مثلا فيكون المخصص من هذه الناحية مجملا فيسري إجماله إلى العام حكما لا حقيقة، لفرض ان ظهوره في العموم قد انعقد فلا إجمال و لا اشتباه فيه، و انما الإجمال و الاشتباه في المراد الجدي منه، و لأجل ذلك يعامل معه معاملة المجمل. هذا من ناحية.