في الأحكام الشرعية ليس كدخل علة طبيعية في معلولها، بل هي داعية لجعل الشارع و اعتباره إياها. أو فقل انها تدعو الشارع لجعلها و اعتبارها كبقية الدواعي للافعال الاختيارية، لا انها تؤثر في نفسها. و ان أريد من كون الأسباب الشرعية معرفات ذلك فهو و ان كان متيناً من هذه الناحية إلا أنه يرد عليه من ناحية أخرى، و هي انه لا ملازمة بين عدم دخلها في الأحكام الشرعية و كونها معرفات، بل هنا أمر ثالث و هو كونها موضوعات لها يعني ان الشارع جعل الأحكام على تلك الموضوعات في مرحلة الاعتبار و الإنشاء على نحو القضية الحقيقة، مثلا أخذ الشارع زوال الشمس مع بقية الشرائط في موضوع وجوب صلاتي الظهرين في تلك المرحلة، و كذا أخذ الاستطاعة مع سائر الشرائط في موضوع وجوب الحج، و هكذا هذا من ناحية. و من ناحية أخرى انا قد ذكرنا غير مرة ان القضية الحقيقية ترجع إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع و تاليها ثبوت المحمول له. فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي ان عدم دخل الأسباب الشرعية في أحكامها كدخل العلة الطبيعية في معلولها لا يستلزم كونها معرفات محضة، بل هي موضوعات لها و تتوقف فعليتها على فعلية تلك الموضوعات، و لا تنفك عنها أبداً، و من هنا تشبه العلة التامة من هذه الناحية أي من ناحية استحالة انفكاكها عن موضوعاتها. و ان أريد بذلك كونها معرفات لموضوعات الأحكام في الواقع، و لا مانع من تعدد المعرف لموضوع واحد و اجتماعه عليه مثلا عنوان الإف طار في نهار شهر رمضان ليس بنفسه موضوعاً لوجوب الكفارة، بل هو معرف لما هو الموضوع له في الواقع، و كذا الحال في مثل عنوان البول و النوم و ما شاكلهما، فان هذه العناوين المأخوذة في لسان الأدلة ليست بأنفسها