الغيرية في الشرعيات و العرفيات تدلنا على إيجاب المقدمة حين إرادة ذيها مثل قوله «تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق إلخ» و قوله عليه السلام (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) و ما شاكل ذلك، و من الواضح انه لا بد من ان يكون لهذه الأوامر ملاك، و هو لا يخلو من ان يكون غير ملاك الواجب النفسيّ أو يكون هو المقدمية، فعلى الأول يلزم ان تكون تلك الأوامر أوامر نفسية و هو خلاف الفرض، فاذن يتعين الثاني. هذا من ناحية. و من ناحية أخرى انه لا خصوصية لهذه الموارد التي وردت فيها تلك الأوامر، فاذن بطبيعة الحال يتعدى منها إلى غيرها و نقول بوجوب المقدمة مطلقاً. و لنأخذ بالنقد عليه: و هو ان الأوامر المزبورة مفادها إرشاد إلى شرطية شيء دون الوجوب المولوي الغيري، و يدلنا على ذلك امران: (الأول) ان المتفاهم العرفي من أمثال تلك الأوامر هو الإرشاد دون المولوية. (الثاني) ورود مثل هذه الأوامر في اجزاء العبادات كالصلاة و نحوها و المعاملات، و من الطبيعي ان مفادها هو الإرشاد إلى الجزئية لا الوجوب المولوي الغيري، كيف حيث قد تقدم ان الجزء لا يقبل الوجوب الغيري الثالث ما جاء به المحقق صاحب الكفاية و شيخنا الأستاذ قدس سرهما من ان الوجدان أصدق شاهد على ذلك، فان من اشتاق إلى شيء و اراده فبطبيعة الحال إذا رجع إلى وجدانه و التفت إلى ما يتوقف عليه ذلك الشيء اشتاق إليه كاشتياقه إلى نفس الواجب، و لا فرق من هذه الجهة بين الإرادة التكوينية و الإرادة التشريعية و ان كانتا مختلفتين من حيث المتعلق. و الجواب عنه انه ان أريد من الإرادة الشوق المؤكد الّذي هو من الصفات النفسانيّة الخارجة عن اختيار الإنسان و قدرته غالباً ففيه مضافاً إلى ان اشتياق النّفس إلى شيء البالغ حد الإرادة انما يستلزم الاشتياق إلى خصوص