نظرية الفلاسفة إرادته تعالى ذاتية، و نقدها المعروف و المشهور بين الفلاسفة قديماً و حديثاً هو أن إرادته تعالى من الصفات العليا الذاتيّة كصفة العلم، و القدرة. و الحياة. و مال إلى ذلك جماعة من الأصوليين منهم المحقق صاحب الكفاية و شيخنا المحقق - قدهما - قال في الكفاية: ان إرادته التكوينية هو العلم بالنظام الكامل التام. و لكن أورد عليه شيخنا المحقق (قده) بان هذا التفسير غير صحيح. و قد أفاد في وجه ذلك بما إليك نصه: «لا ريب في ان مفاهيم صفاته تعالى الذاتيّة متخالفة، لا متوافقة مترادفة، و ان كان مطابقها في الخارج واحداً بالذات، و من جميع الجهات مثلا مفهوم العلم غير مفهوم الذات. و مفهوم بقية الصفات، و ان كان مطابق الجميع ذاته بذاته، لا شيء آخر منضماً إلى ذاته، فانه تعالى صرف الوجود، و صرف القدرة، و صرف العلم، و صرف الحياة، و صرف الإرادة و لذا قالوا وجود كله، و قدرة كله، و علم كله، و إرادة كله، مع أن مفهوم الإرادة مغاير لمفهوم العلم، و مفهوم الذات، و سائر الصفات، و ليس مفهوم الإرادة العلم بالنظام الأصلح الكامل التام كما فسرها بذلك المحقق صاحب الكفاية (قده) ضرورة أن رجوع صفة ذاتية إلى ذاته تعالى و تقدس و إلى صفة أخرى كذلك انما هو في المصداق، لا في المفهوم، لما عرفت من ان مفهوم كل واحد منها غير مفهوم الآخر. و من هنا قال الأكابر من الفلاسفة أن مفهوم الإرادة هو الابتهاج، و الرضا، أو ما يقاربهما معنى، لا العلم بالصلاح و النظام، و يعبر عنه بالشوق الأكيد فينا، و السّر في التعبير عن الإرادة فينا بالشوق المؤكد، و بصرف الابتهاج و الرضا