الحج من المكلف المستطيع، و على الثاني فهو لا محالة أخذ مفروض الوجود في مقام الطلب و الجعل، لعدم صحة تعلق التكليف به، و ذلك كزوال الشمس مثلا بالإضافة إلى وجوب الصلاة، فان المولى لم يطلب الصلاة على نحو الإطلاق، بل طلب حصة خاصة منها - و هي الحصة الواقعة بعد زوال الشمس - و على جميع التقادير فالطلب فعلى و مطلق و المطلوب مقيد من دون فرق بين كونه اختيارياً أو غير اختياري. فالنتيجة ان ما ذكرناه من رجوع القيد بشتى ألوانه إلى المادة امر وجداني لا ريب و لا مناقشة فيه. و الجواب عنه انه (قده) ان أراد من الطلب في كلامه الشوق النفسانيّ فالامر و ان كان كما أفاده حيث أن تحقق الشوق النفسانيّ المؤكد تابع لتحقق مباديه من التصور و التصديق و نحوهما في أفق النّفس، و لا يختلف باختلاف المشتاق إليه في خارج أفقها من ناحية الإطلاق و التقييد تارة. و من ناحية كون القيد اختيارياً و عدم كونه كذلك أخرى. و من ناحية كون القيد أيضا مورداً للشوق و عدم كونه كذلك ثالثة بل ربما يكون القيد مبغوضاً في نفسه، و لكن المقيد به مورد للطلب و الشوق و ذلك كالمرض مثلا، فانه رغم كونه مبغوضاً للإنسان المريض فمع ذلك يكون شرب الدواء النافع مطلوباً له و مورداً لشوقه. ان أراد هذا فالامر و ان كان كذلك الا انه ليس من مقولة الحكم في شيء، بداهة انه امر تكويني نفساني حاصل في أفق النّفس من ملائمتها (النّفس) لشيء أو ملائمة إحدى قواها له، فلا صلة بينه و بين الحكم الشرعي أبداً، كيف فان الحكم الشرعي امر اعتباري فلا واقع موضوعي له ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار، و هو أمر تكويني فله واقع موضوعي، و حصوله تابع لمبادئه من إدراك امر ملائم لإحدى القوى النفسانيّة. و ان أراد من الطلب في كلامه (قده) الإرادة بمعنى الاختيار فيرد