اما الدعوى الأولى فلأنها تبتني على ركيزتين: إحداهما ما حققناه في بحث الوضع من انه عبارة عن التعهد و الالتزام النفسانيّ. و ثانيتهما ما حققناه في بحث الإنشاء من انه عبارة عن اعتبار الأمر النفسانيّ، و إبرازه في الخارج بمبرز من قول أو فعل أو ما شاكله. و على ضوء هاتين الركيزتين يظهر أن مادة الأمر وضعت للدلالة على إ براز الأمر الاعتباري النفسانيّ في الخارج، فلا تدل على الوجوب لا وضعاً و لا إطلاقاً. اما الأول فظاهر. و اما الثاني فلأنه يرتكز على كونها موضوعة للجامع بين الوجوب و الندب، ليكون إطلاقها معيناً للوجوب، دون الندب باعتبار ان بيان الندب يحتاج إلى مئونة زائدة و الإطلاق غير وافٍ به. و لكن قد عرفت انها كما لم توضع لخصوص الوجوب أو الندب، كذلك لم توضع للجامع بينهما، بل وضعت لما ذكرناه هذا مضافاً إلى عدم الفرق بين الوجوب و الندب من هذه الناحية، و اذن فلا يكون الإطلاق معيناً للأول، دون الثاني، فحاله حال الوجوب من هذه الناحية من دون فرق بينهما أصلا. و أما الدعوى الثانية: فلان العقل يدرك - بمقتضى قضية العبودية و الرقية - لزوم الخروج عن عهدة ما أمر به المولى، ما لم ينصب قرينة على الترخيص في تركه، فلو أمر بشيء و لم ينصب قرينة على جواز تركه فهو يحكم بوجوب إتيانه في الخارج، قضاء لحق العبودية، و أداء لوظيفة المولوية، و تحصيلا للأمن من العقوبة، و لا نعني بالوجوب الا إدراك العقل لا بدية الخروج عن عهدته فيما إذا لم يحرز من الداخل أو من الخارج ما يدل على جواز تركه (الجهة الرابعة) - في الطلب و الإرادة. قد سبق منا في الجهة الثالثة ان الأمر موضوع للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفسانيّ في الخارج، فلا يدل على شيء ما عداه. هذا من ناحية.