الكتاب و حجية العقل فانهما ليستا من المسائل الأصولية على القول الأول، و تكونان منها على هذا القول. و من هنا التجأ شيخنا العلامة الأنصاري - قده - إلى إرجاع البحث عن مسألة حجية خبر الواحد، إلى البحث عن أحوال السنة، و ان مرجعه إلى ان السنة - أعني قول المعصوم أو فعله أو تقريره - هل تثبت بخبر الواحد أو لا؟ و بذلك تدخل في مسائل أصول الفقه الباحثة عن أحوال الأدلة. و يرد عليه انه غير مفيد و ذلك لأنه لو أريد من الثبوت، الثبوت التكويني الواقعي، أعني كون خبر الواحد واسطة و علة لثبوت السنة واقعاً، فهذا غير معقول بداهة ان خبر الواحد ليس واقعاً في سلسلة علل وجودها، و كيف يمكن أن يكون كذلك و هو حاك عنها، و الحكاية عن شيء متفرعة عليه و في مرتبة متأخرة عنه؟ على ان البحث في هذه المسألة - حينئذ - يكون عن مفاد (كان التامة) أي عن ثبوت الموضوع، لا عن عوارضه. و لو أريد منه الثبوت التكويني الذهني، أعني كون خبر الواحد واسطة لإثبات السنة واقعاً و وجداناً، فهو أيضاً غير معقول ضرورة ان خبر الواحد لا يفيد العلم الوجداني بالسنة، و لا يعقل انكشاف السنة به واقعاً كما تنكشف بالمتواتر و القرينة القطعية و مع فرض الانكشاف حقيقة، لا تبقى للبحث عن حجية خبر الواحد، موضوعية أصلا، فان العبرة حينئذ بالعلم الوجداني الحاصل بالسنة، فيجب الجري على وفقه دون الخبر بما هو. و الحاصل ان لازم خبر الواحد بما هو ان يحتمل الصدق و الكذب، فكما لا يعقل أن يكون واسطة في ثبوت السنة واقعاً، فكذلك لا يعقل أن يكون واسطة لإثباتها كذلك. و ان أريد منه الثبوت التعبدي - كما هو الظاهر - فالأمر و ان كان كذلك، أي أن السنة الواقعية تثبت تعبداً بخبر الواحد، إلا انه من عوارض الخبر دون السنة و ذلك لأن الثبوت التعبدي - بناء على ما سلكناه - عبارة عن إعطاء الشارع