بالآخرة هو الوجود الواصل، و هكذا الحال في التكاليف المولويّة، فإنّها إنّما تقتضي التحريك بوجودها العلميّ و الواصل في أفق النّفس دون مجرّد وجودها بحسب الواقع، و بذلك يظهر قبح العقاب بلا بيان، إذ مع عدم البيان لا مقتضي للتحريك حتى يقول المولى للعبد: (لما ذا لم تتحرّك)«»؟. و التحقيق: أنّ هذا التقريب لا يرجع إلى محصّل. بيان ذلك: أنّ المحرّك على قسمين: محرّك ذاتي، و محرّك مولوي، و مقصودنا بالأوّل ما يقتضي التحريك على أساس الملائمة أو المنافرة لطبع الإنسان بمرتبة من مراتب وجوده من عقله، أو طبعه الحيواني، أو غير ذلك، و من هذا القبيل تحريك الماء للعطشان نحو شربه، و تحريك الأسد للإنسان نحو الفرار، و مقصودنا بالثاني ما يقتضي التحريك على أساس الحسن و القبح، و حقّ المولى و لا بديّة الطاعة و ترك المعصية بحكم العقل العملي. أمّا المحرّك الذاتي و هو الملائمة و المنافرة للطبع ففي الحقيقة إنّما يكون محرّكا بوجوده العلميّ إذا كانت الملائمة و المنافرة بدرجة تغلب على ما قد يكون في التحرك من التعب و المئونة مثلا، فالعطشان الّذي لا يجد ماء إلاّ تحت الأرض بالحفر قد يكون عطشه بمقدار يكون تحمله للعطش أسهل من تحمله لمئونة الحفر، فلا يتحرّك نحو الحفر، و قد يكون بمقدار يتحرّك نحو الحفر رغم ما فيه من المئونة و الشدّة.