الثاني، لأنّ الحجّيّة هنا إنّما استكشفناها بلسان الترغيب في العمل، و الترغيب الموجود في هذه الأخبار - كما ترى - مختصّ بعمل من بلغه دون عمل الجميع. لكنّ الإنصاف أنّه بعد تسليم أصل مبنى قيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ يكون الصحيح ما ذكره رحمه اللّه من صحّة الإفتاء بالاستحباب للجميع، و ذلك لأنّ المرتكز في نظر العقلاء في باب جعل الحجج هو فرض عدم التقطيع في المفاد بحسب الأفراد، و أدلّة جعل الحجج تنصرف - لا محالة - إلى ما يلائم المرتكزات العقلائيّة في باب الحجج، فتلغى عرفا خصوصيّة هذا الفرد، و يصحّ بذلك الإفتاء بالاستحباب للجميع. و التحقيق في المقام: منع اختصاص الحجّيّة المجعولة في هذه الأخبار بخصوص من بلغه الخبر الضعيف، بل تشمل حتى من لم يبلغه، و السرّ في ذلك أنّ البلوغ في دليل الحجّيّة لم يؤخذ بحسب المتفاهم العرفي موضوعا، و إنّما أخذ طريقيّا، فدليل حجّيّة الخبر البالغ يدلّ عل ى حجّيّة أصل ذلك الخبر للجميع، و إنّما البلوغ المأخوذ في الكلام في الحقيقة بلوغ للحجّة. و أمّا الشقّ الثاني من كلامه فالإنصاف أنّه إشكال صحيح وارد على المشهور - على ما نسب إليهم من استفادة الاستحباب النفسيّ من هذه الأخبار -، حيث يفتون بالاستحباب مطلقا بقاعدة التسامح في أدلّة السنن.