نعم، يمكن توجيه الأخبار بنحو آخر أيضا، و هو أن يكون المقصود من كون التسمية مثلا، ذكاة كونها سببا للذكاة، لكنّ العناية الأولى، و هي إيجاد الفرد الاعتباريّ للطهارة و الذكاة أقرب عرفا من العناية الثانية، و يكون الكلام ظاهرا في الأوّل. فتحصّل: أنّ الذكاة عنوان بسيط منطبق على الأعمال و منتزع منها لا نفس الأعمال مفهوما و لا أمر مسبّب عنها، و هذا هو مختارنا أيضا في باب الطهارات الثلاث. بقي في المقام شيء، و هو أنّ في أخبار الباب ما يوافق مضمونا استصحاب عدم التذكية و فيها ما يخالفه و لو بدوا. أمّا ما يوافقه مض مونا، فكما ورد في ما أرسل إليه الكلب المعلّم ثمّ رأى المرسل ذلك الحيوان مفترسا و لا يدري هل افترسه ذلك الكلب المعلّم، أو افترسه حيوان آخر؟ من أنّه لا تحلّ تلك الفريسة و لا يؤكل منها حتى يعلم أنّه هو الّذي افترسها«»، و كما ورد في من رمى طائرا فقتل الطائر و شكّ في أنّه هل قتل بهذه الرمية، أو بشيء آخر؟ من أنّه لا يحلّ ذلك الطائر«». و الصحيح أنّ هذه الأخبار و إن كانت موافقة مضمونا للاستصحاب لكنّها مع ذلك ليست شاهدة للقول باستصحاب عدم التذكية، إذ لا قرينة فيها على أنّ حكمها بالحرمة يكون بملاك الاستصحاب، فلعلّها حكمت بالحرمة على مستوى