بالبيان المتقدم.
والسببية والمسببية كانت مبنية على أن لا تكون نجاسة الملاقي بالسراية ، فلو احتمل
كونها بالسراية ـ كما هو المفروض ـ تبقى طرفيته للعلم الاجمالي على حالها كالملاقي
( بالفتح ) ولا تجري فيه أصالة الطهارة ، لمعارضتها بأصالة الطهارة الجارية في
الطرف الآخر [١]
فتأمل فإنه لا يخلو عن دقة.
الامر الخامس :
لو اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف :
فتارة : يكون الاضطرار قبل تعلق التكليف
بأحدها وقبل العلم به ، كما لو اضطر إلى استعمال أحد مقطوعي الطهارة أو الحلية ثم
حدثت نجاسة أحدهما أو حرمته والعلم بها. وأخرى : يكون الاضطرار بعد تعلق التكليف
بأحدها وقبل العلم به. وثالثة : يكون الاضطرار بعد العلم به أيضا أو مقارنا له.
وعلى جميع التقادير : فتارة يكون
الاضطرار إلى أحدها المعين. وأخرى إلى أحدها لا بعينه.
فإن كان الاضطرار قبل تعلق التكليف
والعلم به وكان إلى المعين ، فلا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر الغير
المضطر إليه ، لاحتمال أن يكون متعلق التكليف هو المضطر إليه ، فالعلم الاجمالي
الحادث لم يتعلق بالتكليف الفعلي ، والأصول غير جارية في جميع الأطراف لتسقط
بالمعارضة ، لعدم جريان الأصل النافي للتكليف في الطرف المضطر إليه ، للقطع بعدم
وجوب الاجتناب عنه ، فيبقى الطرف الآخر جاريا فيه الأصل بلا
[١] أقول : ولعمري!
ان المسألة في المقام يتم بكلمتين ، وملخصه أن جريان الأصل في الملاقي فرع إحراز
المسببية ، إذ مع الشك فيه فلا قصور في شمول العموم له أيضا في ظرف شموله للبقية ،
فتساقط الأصول جميعا ، وبعد ذلك أين الداعي على بسط الكلام في شيء آخر؟ لا يكاد
يتم المقايسة بينه وبين المقام إلا على مختارنا ـ كما أسلفناه مفصلا ـ لا على
مختاره.