تقارن العلمان في
الزمان ، أو تقدم تعلق العلم بالملاقي ( بالكسر ) على تعلق العلم بالملاقى أو
انعكس الامر ، لما عرفت : من أنه لا عبرة بزمان حدوث العلم ، بل العبرة بزمان حدوث
المعلوم. والنجاسة المعلومة بين الملاقى ( بالفتح ) والطرف تكون أسبق من النجاسة
المعلومة بين الملاقي ( بالكسر ) والطرف في جميع الصور ، ففي أي زمان يحدث العلم
الاجمالي بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) والطرف يسقط العلم الاجمالي بنجاسة الملاقي
والطرف عن التأثير ، لأنه يتبين سبق التكليف بالاجتناب عن أحد طرفيه وهو طرف
الملاقى ( بالفتح ) فتكون الشبهة بالنسبة إلى الملاقي ( بالكسر ) بدوية تجري فيه
أصالة الطهارة بلا معارض.
هذا كله ، مضافا إلى أن الذوق يأبى عن
أن يكون الحكم وجوب الاجتناب عن الملاقي ( بالكسر ) دون الملاقى ، مع أن التكليف
به إنما يأتي من قبل التكليف بالملاقى ( بالفتح ).
نعم : لو فرض أن الملاقى ( بالفتح ) كان
في ظرف حدوث العلم خارجا عن محل الابتلاء ولم يعد بعد ذلك إلى محله ولو بالأصل ،
فالعلم الاجمالي بنجاسته أو الطرف مما لا أثر له ، ويبقى الملاقي ( بالكسر ) طرفا
للعلم الاجمالي فيجب الاجتناب عنه وعن الطرف [١]
لان العلم الاجمالي بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) والطرف وإن تقدم معلومه على العلم
الاجمالي بنجاسة الملاقي
[١] أقول : بناء على
مشرب اقتضاء العلم وجريان الأصل النافي بلا معارض ، لنا أن نقول : إنه لا بأس بجريان
الأصل في الخارج عن محل الابتلاء بلحاظ آثاره المبتلى به ، فيسقط بالمعارضة مع
الأصل في الطرف ، فيجري الأصل في الملاقي ( بالكسر ) أيضا بلا معارض.
نعم : له أن يقول : إن ما نحن
فيه من قبيل قاعدة الطهارة بالنسبة إلى استصحابها ، فلو تم الجواب هناك لتم هنا ،
ولقد عرفت عدم تمامية الجواب هناك ، فلا يتم في المقام أيضا ، ولذا أوردنا على
شيخنا العلامة بأن الجمع بين إطلاق جريان الأصل في المسبب حتى مع تقدم علمه على
العلم بالسبب مع الالتزام بجريان الأصل في المقام لا يخلو عن التهافت ، لعدم
مناسبته مع واحد من المسلكين في علية العلم واقتضائه ، فتدبر.