فردا آخر من النجس
بتعبد يخصه في عرض التعبد بنجاسة الملاقى ( بالفتح ). وحينئذ لا يجب الاجتناب عن
الملاقي لاحد طرفي المعلوم بالاجمال ، للشك في ملاقاته للنجس ، فتجري فيه أصالة
الطهارة بلا معارض.
فإن قلت :
كيف تجري أصالة الطهارة في الملاقي مع أنه كالملاقي يكون طرفا للعلم الاجمالي ،
لأنه عند العلم بنجاسة أحد الشيئين وملاقاة ثالث لأحدهما يحصل علوم ثلاثة : علم
بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) أو الطرف ، وعلم بنجاسة الملاقي ( بالكسر ) أو الطرف ،
وعلم بنجاسة الملاقى والملاقي معا أو الطرف ، لأنه بعد الملاقاة يعلم باتحاد حكم
الملاقى والملاقي فيكونان معا بمنزلة طرف واحد للعلم الاجمالي ، كما لو علم بوقوع
قطرة من الدم إما في هذا الاناء الواحد وإما في ذينك الانائين ، ومقتضى هذه العلوم
الثلاثة هو تعارض أصالة الطهارة في كل من الملاقي والملاقى والطرف ، فيجب الاجتناب
عن الجميع مقدمة لحصول العلم بالاجتناب عن النجس المعلوم في البين.
قلت
: حصول العلوم الثلاثة وإن كان وجدانيا
لا سبيل إلى إنكاره ، إلا أن المؤثر من هذه العلوم الثلاثة هو الأول وهو العلم
بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) أو الطرف ، ولا أثر للعلمين الآخرين.
أما الأول منهما : وهو العلم بنجاسة الملاقي
( بالكسر ) والطرف ، فلسبق التكليف بالاجتناب عن الطرف ، لأنه كان طرفا للملاقى (
بالفتح ) قبل تحقق الملاقاة ، وقد تقدم في بعض المباحث السابقة : أنه لا أثر للعلم
الاجمالي إذا كان في بعض أطرافه أصل مثبت للتكليف في الرتبة السابقة عن العلم
الاجمالي ولو كان الأصل المثبت عقليا ، كما إذا كان طرفا لعلم إجمالي آخر ـ كما في
لعدم ارتكاز إلى
السراية من الداني إلى العالي ، ولكن هذا المقدار لا يجدي لوجوب الاجتناب عنه بعد
فرض طولية علمه لعلم آخر سابق عنه في التنجز ، ولقد شرحنا في مثله بأنه لا مجال لتنجز
التكليف به ، كما لا يخفى على من راجع الحاشية الطويلة الأولى في وجه نجاسة
الملاقي ( بالكسر ).