وما يقال : من أن الخبر الواحد ينحل إلى
أخبار متعددة حسب تعدد أفراد الموضوع ، كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية ،
فان قوله : « أكرم العلماء » بمنزلة قوله : « أكرم زيدا وأكرم عمروا وأكرم خالدا »
وهكذا ، فلا محذور في طرح أحد العامين من وجه في خصوص مادة الاجتماع ، لان
الانحلال يقتضي أن يكون لخصوص مادة الاجتماع قضية تخصه ، فتسقط بالمعارضة مع ما هي
أقوى منها صدورا
واضح الفساد ، فان الانحلال في القضايا
الحقيقية لا يقتضي تعدد الرواية ، بل ليس في البين إلا رواية واحدة رتب فيها الحكم
على موضوعه المقدر وجوده ، وانطباق ما اخذ في الرواية موضوعا على المصاديق
الخارجية أمر قهري عقلي. وبالجملة : لا ينبغي الاشكال في عدم الرجوع إلى المرجحات
السندية في تعارض العامين من وجه ، بخلاف المرجح الجهتي والمرجح المضموني ، فإنه
لا محذور في الرجوع إليه.
نعم : ربما يشكل الحال على رأي من أرجع
جميع المرجحات إلى المرجحات السندية ، فتأمل. فلو كان عموم أحد العامين من وجه
موافقا للعامة وكان عموم الآخر مخالفا لهم ، فالواجب هو الاخذ بعموم المخالف وعدم
العمل بعموم الموافق [١]
ولا يجوز ترك العمل بالعام الموافق رأسا ، فان العام المخالف لهم لا يعارض العام
الموافق لهم في تمام المدلول بل في خصوص مادة الاجتماع ، ونتيجة ذلك ترك العمل
بالعام الموافق في خصوص مادة الاجتماع. وكذا لو كان عموم أحد العامين من وجه
مخالفا للكتاب ، فإنه أيضا يجب ترك العمل بعمومه ، أي بالمقدار الذي يخالف الكتاب
، لا في تمام مدلوله.
[١] أقول : تقدم
كلامنا مع من صدر منه هذه الكلمات على حسب ضبط المقرر إياه ، نسئل الله التوفيق
لاتمام بقية المسائل لو ظفرنا بها ( إن شاء الله تعالى ).