عقيب قوله : « أكرم
العلماء » « لا تكرم بعض العلماء » وتردد البعض بين جميع أفراد العلماء ، فإنه لا
مانع من التعبد بصدور قوله : « لا تكرم بعض العلماء » وإن كان أثر التعبد بصدوره
إجمال قوله : « أكرم العلماء » فان هذا المقدار من الأثر يكفي في التعبد ، ففرق
بين التعبد بمجمل يوجب إجمال ظاهر وبين التعبد بظاهر يوجب إجماله ، فان التعبد بالصدور
في الأول لا محذور فيه ، بخلاف التعبد به في الثاني ، إذ لا معنى للتعبد بصدور
ظاهر تكون نتيجة التعبد به إجماله وعدم جواز الاخذ بظاهره.
فالانصاف : أنه لا مجال لتوهم شمول أدلة
حجية الخبر الواحد للخبرين المتعارضين معا حتى يجب تأويلهما ، فالأصل في
المتعارضين السقوط ، ولكن بالنسبة إلى خصوص المؤدى [١].
وأما بالنسبة
إلى نفي الثالث : فلا وجه لسقوطهما ، فان المتعارضين يشتركان في نفي الثالث
بالدلالة الالتزامية فيكونان معا حجة في عدم الثالث.
وتوهم : أن الدلالة الالتزامية فرع
الدلالة المطابقية وبعد سقوط المتعارضين في المدلول المطابقي لا مجال لبقاء
الدلالة الالتزامية لهما في نفي الثالث ، فاسد [٢]
[١] أقول : الأولى
جرى كلامه هذا بخصوص صورة يعلم بعدم صدور مضمون أحدهما واقعا ، واما لو فرض العلم
الاجمالي بكذب أحد الخبرين في صدور الكلام من الامام عليهالسلام
مع احتمال مطابقة مضمونهما للواقع : ففي مثل هذه الصورة لا بأس بالأخذ بكليهما مع
عدم اقتضاء كل منهما لنفي غيره ، كما هو الشأن في الأصلين المثبتين في طرفي العلم
بمخالفة أحدهما للواقع. ولازم هذا القائل في الأصول التنزيلية بالتساقط إعمال
التعارض والتساقط في مثله أيضا.
[٢] للمحقق
الخراساني قدسسره كلام في
حاشيته على الفرائد لا يخلو عن إشكال ، فإنه جعل نفي الثالث بأحدهما الغير المعين
لا بهما معا ، ومنع عن حجية المتعارضين في الدلالة الالتزامية * بتقريب : ان
الدلالة الالتزامية وإن لم تكن تتبع الدلالة المطابقية في الحجية بل إنما تتبعها
في الوجود ، إلا ان دليل اعتبار السند إنما يعم الدلالة الالتزامية بتبع الدلالة
المطابقية ، فان قوله « صدق العادل » انما يدل على نفي ما ينافي خبر العادل لأجل
دلالته على وجوب تصديقه فيما أخبر به ، ولا يدل على تصديقه في نفي ما ينافي