بكون المخصصات
الواردة بعد حضور وقت العمل بالعمومات كلها تكون ناسخة للعمومات [١] فالاحتمال الأول ساقط ، ويدور الامر
بين أحد الاحتمالين الأخيرين.
[١] أقول : بعد
إمكان تأخير المخصص عن وقت العمل بل وتقديم ورود الناسخ على العمل بشهادة تفويض
إبرازه إلى الأئمة عليهمالسلام
من بعده ـ إذ ذلك مستلزم لتأخير بروز الناسخ وإعلامه بعد العمل لا وروده إذ يستحيل
وروده واقعا بعد انقطاع الوحي ـ كانت التخصيصات الواردة بعد العمومات قابلة للنسخ
والتخصيص ، فلا محيص من ترجيح التخصيص بوجه متيقن لا لصرف دعوى البداهة ، خصوصا مع
اقتضاء أصالة العموم نسخية الخاص.
وتوهم معارضته مع عموم ما دل
على بقاء الاحكام من الحلال والحرام مدفوع غايته ، لان عموم الاحكام لا يكاد ينطبق
على المورد إلا بعد جريان أصالة العموم في العام ، لأنه محرز لموضوعه ، فكيف
يعارضه أصالة العموم في الحلال والحرام معه؟ إذ لازم جريانه عدم الجريان ، وهو
محال. وبعبارة أخرى : أصالة العموم في الاحكام إنما هو في ظرف تحقق موضوعه ، ولا
يصلح مثله للمعارضة مع ما يحرز هذا الموضوع ، فقهرا يصير هذا الأصل حاكما ومقدما
على الأصل الآخر ، كما أن إطلاق العام زمانا أيضا تبع لهذا العموم ، فكيف يعارضه
عمومه؟ نعم : ما يصلح للمعارضة له هو أصالة الاطلاق في طرف الخاص ، فإنه يقتضي
ثبوت حكمه من الأول وهو ينافي العموم لهذا الفرد قبل ورود الخاص ، وهذا التقريب
على المختار ـ من صلاحية معارضة أصالة الاطلاق في المنفصل مع أصالة العموم ـ في
غاية المتانة ، فيجري بعد التعارض حكم التخصيص على الخاص. ولكن هذا الكلام إنما
يصح في الخاص الوارد قبل العام ، واما الخاص الوارد بعد العام ، فلا أثر لهذا
النزاع بالنسبة إلى من وجد بعد ورود الخاص ، حيث إن احتمال الناسخية لا يؤثر في
حقه عملا كي يجري في حقه أصالة العموم فيصلح للمعارضة. نعم : يصلح هذا الثمر
بالنسبة إلى الموجودين في زمان الخطابين ، فإنه يثمر هذا النزاع في حقهم بالنسبة
إلى القضاء وعدمه ، وإلا فبالنسبة إليهم أيضا لا يجدي أصالة الاطلاق في طرف الخاص
بالنسبة إلى ما مضى من زمانه ، فإنه خارج عن محل ابتلائه ، كما لا يخفى.
ثم إن ما ذكرنا كله على فرض
إرجاع النسخ إلى التصرف في الدلالة ، وإلا فلو كان باب النسخ ـ كما أشرنا ـ من
قبيل صورة البداء فكان التصرف فيه من قبيل التصرف في الجهة. وحينئذ قد يتوهم بأنه
في الدوران بينهما يقدم التصرف الدلالي على الجهتي ، كما هو الشأن بين الجمع
الدلالي أو الحمل على التقية ، حيث إن بناء الأصحاب على تقديم الجمع على التقية ،
فلازمه في المقام تقديم التخصيص على النسخ. ولكن يمكن ان يقال : إن مناط تقديم
الجمع على التقية إنما هو من جهة اقتضاء التقية طرح السند