يكون بمعونة التبعد
بأحدهما ، والخاص القطعي السند والدلالة لا يحتاج إلى التعبد ، لأنه يعلم بصدوره
وإرادة مؤداه ، والعلم لا تناله يد التعبد. وعلى كل حال : لا إشكال في تقدم الخاص
على العام إذا كان قطعي السند والدلالة.
وإن كان ظني
السند والدلالة أو كان قطعي السند وظني الدلالة : فظاهر إطلاق كلام الشيخ قدسسره هو عدم تخصيص العام به ، بل يعمل بأقوى
الظهورين : ظهور العام في العموم وظهور الخاص في التخصيص.
ولكن الأقوى : وجوب الاخذ بظهور الخاص
وتخصيص العام به ولو كان ظهوره أضعف من ظهور العام [١] فان أصالة الظهور في طرف الخاص تكون
حاكمة على أصالة الظهور في طرف العام ، لان الخاص يكون بمنزلة القرينة على التصرف
في العام ، كما يتضح ذلك بفرض وقوع العام والخاص في مجلس واحد من متكلم واحد ،
فإنه لا يكاد يشك في كون الخاص قرينة على التصرف في العام ، كما لا ينبغي الشك في
حكومة أصالة الظهور في القرينة على أصالة الظهور
[١] أقول : لا إشكال
في تقدم ما سيقت للقرينية على التصرف في غيره ، ولا يلاحظ فيه الأظهرية. ولكن عمدة
الكلام في هذا المعنى ، إذ مرجع سوقه قرينة على التصرف في الغير إلى سوقه لبيان
حال الغير ، ولا يكون إلا بكونه ناظرا إلى شرح الغير ، وهو ليس إلا شأن الحاكم.
واما المخصص ـ حسب اعترافه سابقا ـ لا يكون له مثل هذا النظر ابدا ، وإنما مفاده
حكم آخر مضاد مع حكم غيره في فرد خاص أو مناقض ، ففي هذه الصورة لا مجال لدعوى
سوقه للقرينة على شرح غيره ، بل كان معارضا مع غيره محضا ، وفي مثله لا محيص من
الترجيح بالأقوى ، فيجري على الأقوى حكم القرينة ، لا انه حقيقة قرينة ، فاجراء
حكم القرينة على الخاص حينئذ فرع أقوائيته ، وإلا فلو كان العام في دلالته على
المورد أقوى ـ ولو من جهة إبائه عن التخصيص ـ يجري على العام حكم القرينة على
التصرف في الخاص مثلا. ولعمري! إن ما أفيد في المقام من غرائب الكلام ، وأغرب منه
استشهاده بتقديم « يرمي » على « الأسد » إذ مجرد وضعية الدلالة لا يقتضي الأقوائية
بعد انصراف « يرمي » إلى الرمي بالنبال الغير المناسب للحيوان. واما بناء الأصحاب
على تقديم الخاص : فإنما هو من جهة أظهرية الخاص عن العام ، فلو وجد مورد يكون
العام بملاحظة بعض الخصوصيات آبيا عن التخصيص اي شخص يقدم الخاص عليه لمحض كونه
خاصا! كما لا يخفى.