بوجوب الاجتناب عن
الخطاب الثاني؟ بعد فرض عدم إحراز صغراه وعدم طرفيته للعلم المنجز لفرض سبقه ولو
رتبة بعلم آخر ، وبعد أن علمت ما ذكرنا ، فنقول :
بعد الجزم بأن الملاقاة للنجس
سبب لنجاسة الملاقي ( بالكسر ) قد عرفت في الحاشية السابقة بأنها واسطة لاكتساب
الملاقي النجاسة من الملاقى ( بالفتح ) نظير اكتساب المفتاح الحركة من اليد ، كما
يشهد له التعبير بتنجيسه الظاهر في المنشأية ، لا أنه حكم تعبدي مستقل ولا أنه
مرتبة أخرى في عرض نجاسة الملاقى ( بالفتح ) مرتبة ، وحينئذ يصير نجاسة الملاقي (
بالكسر ) معلول نجاسة الملاقى ( بالفتح ) فلا جرم تصيران في التكليف أيضا طوليتين
، وحينئذ لا مجال لتنجز التكليف في الملاقي ( بالكسر ) لطولية علمه لعلم سابق منجز
، ومن هنا أيضا ظهر حال الثمرة للشجرة.
وتفصيل القول فيه أيضا أن
يقال : إن ملك النماء والمنفعة تارة يقال : إنه من آثار ملكية العين بحيث اخذ
ملكية العين علة لملك النماء ، فلا شبهة في أن التكليف المتولد من هذه الملكية
أيضا يصير في طول التكليف المتولد من ملكية العين ، وأخرى يقال : بأن ملكية
المنفعة والعين في عرض واحد وإنما النماء من تبعات العين وجودا لا ملكية ، بل هما
في عروض الملكية في عرض واحد ، فعلى الأخير : لا يكون الحكم التكليفي المتولد من
ملكيتهما إلا عرضيا ، لعدم اقتضاء في طوليتهما ، وحينئذ فمهما وقع غصبية العين
طرفا للعلم الاجمالي يصير غصبية النماء في عرضه أيضا طرفا ، فيصير المقام من
صغريات العلم الاجمالي بتكليفين في طرف وتكليف واحد أو تكليفين في الطرف الآخر ،
وفي هذه الصورة يصير جميع التكاليف منجزة في عرض واحد ، وفي هذا المقام لا فرق في
وجوب الاجتناب عن ثمرة الشجرة المحتمل غصبيته بين أن يكون من طرف واحد أو من طرفين
، كلتا الثمرتين محل الابتلاء أو أحدهما بعد فرض الابتلاء بذات الشجرة من الطرف
الآخر. وأما على الأول : فلا شبهة في إن التكليف المتوجه إلى الثمرة في طول
التكليف المتوجه إلى الشجرة ، وفي مثله لا يكون العلم الاجمالي بين الثمرة والشجرة
الأخرى إلا في طول علم آخر بين الشجرتين ، فمع فرض عدم الابتلاء بثمر شجرة أخرى لا
وجه للاجتناب عن هذه الثمرة ، لان الثمرة متعلق تكليف مستقل غير تكليف الشجرة ، مع
عدم إحراز موضوعه ، لان موضوعه ملك الغير المشكوك فعلا ، بعد فرض عدم جريان أصالة
عدم ملكيته ، لمعارضته بأصالة عدم ملكية أخرى ، حسب اعترافه في الأصول التنزيلية
ولو كانت مثبتة. وعلى أي حال : لا مجال لتوهم أن التكليف بحرمة التصرف في الثمرة
من تبعات التكليف بعدم جواز التصرف في الشجرة المغصوبة وشئونه ويكفي في تنجزه تنجز
التكليف بحرمة التصرف في الشجرة المغصوبة ، إذ الغرض من كونه من تبعاته وشئونه أنه
تكليف آخر من تبعات التكليف بحرمة الغصب في