حالاته ، فإنه
بالنسبة إلى ذلك الحال يلزم اجتماع النقيضين لورود النفي والاثبات عليه ، وكذا
يتحقق التنافي لو كان مفاد أحد الدليلين وجوب الصلاة على العالم والجاهل وكان مفاد
الآخر عدم وجوبها على الجاهل.
ومن ذلك يظهر [١] فساد الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي
بتغاير موضوعيهما [٢]
فان موضوع الحكم الظاهري مقيد بالجهل وعدم العلم بالحكم الواقعي وموضوع الحكم
الواقعي غير مقيد بذلك ، ضرورة أن الحكم الواقعي وإن لم يمكن فيه الاطلاق والتقييد
اللحاظي لحالة العلم والجهل ، إلا أنه لا محيص من نتيجة الاطلاق أو التقييد ، لأنه
لا يعقل الاهمال النفس الأمري.
فان كانت النتيجة مطلقة وكان الحكم
الواقعي محفوظا في حال علم المكلف وجهله : فلا محالة يلزم اجتماع النقيضين في حال
جهل المكلف بالحكم
[١] لا يخفى اختلاف
نسخ « الفرائد » في هذا الموضع ، فمن بعضها يظهر : أن الشيخ قدسسره في مقام بيان الجمع بين الحكم الظاهري
والواقعي بتغاير الموضوع ، ومن بعضها يظهر : أنه في مقام بيان تغاير موضوع الأصول
العملية مع موضوع الامارات ، لا تغاير موضوع الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي ،
فراجع وتأمل جيدا ( منه ).
[٢] أقول : إن كان
الغرض من عدم اختلاف موضوع الحكم الواقعي والظاهري عدم اختلافهما وجودا ، ففي غاية
المتانة ، كيف! ولولا اجتماعهما في الوجود لا يبقى مجال اجتماعهما في المورد. وإن
كان الغرض عدم اختلافهما في عالم عروض الحكم بحسب موطن عروضه ، ففيه : أن معروض
الحكم الواقعي هو الذات في الرتبة السابقة عن الجهل بحكمه ، وفي الحكم الظاهري هو
الذات في الرتبة اللاحقة عن الجهل بحكمه ، بناء على التحقيق : من جعل الجهل من
الجهات التعليلة للحكم الظاهري ، فإنه حينئذ لابد وأن يرى الذاتان في رتبتين : ذات
في الرتبة السابقة عن الجهل ، وذات في الرتبة اللاحقة عن الجهل بحكمه ، ومن
البديهي : أن أحد الذاتين غير الآخر في هذا العالم وإن كانا منتزعين عن وجود واحد
خارجا ، ولقد حققنا في محله أيضا : بأن الحكم الظاهري يستحيل أن يجتمع مع الحكم
الواقعي الفعلي إلا بهذا الاعتبار ، كما هو الشأن في وجه الجمع بين قبح التجري مع
حسن العمل واقعا ، وكذلك الامر في طرف العكس بعد الجزم بعدم انقلاب الواقع عما هو
عليه بمحض قيام الطريق على خلافه ، خصوصا في الطرق العقلية ، فتدبر.