فالترجيح في باب الأصول المتعارضة ساقط
من أصله ولا محيص عن القول بالتساقط ، وقد تقدم في مبحث الاشتغال ما ينفع المقام [١] فراجع.
المقدمة
الثانية : المجعول في باب الأصول العملية وإن كان
هو البناء العملي على أحد طرفي الشك ، الا أنه تارة : يكون المجعول هو البناء
العملي على ثبوت الواقع في أحد طرفي الشك وتنزيله عملا منزلة الواقع. وأخرى : يكون
المجعول مجرد تطبيق العمل على أحد طرفي الشك ، من دون أن يكون الجعل متكفلا لثبوت
الواقع في أحد الطرفين. ويعبر عن الأول بالأصل المحرز أو المتكفل للتنزيل ، وعن
الثاني بالأصل الغير المحرز ، ولا يخفى ما في التعبير من المناسبة.
ويدخل في القسم الأول الاستصحاب وقاعدة
الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة ، فان هذه الأصول كلها متكفلة للتنزيل والاحراز ،
والمجعول فيها هو البناء العملي على ثبوت الواقع إن كان مؤدى الأصل مقام الثبوت ـ
كالاستصحاب ـ أو البناء العملي على الاتيان بالواقع إن كان مؤدى الأصل مقام الفراغ
والسقوط ـ كقاعدة الفراغ والتجاوز ـ.
ويدخل في القسم الثاني البراءة
والاحتياط وأصالة الحل والطهارة ، فان المجعول في هذه الأصول مجرد تطبيق العمل على
أحد طرفي الشك من دون أن تكون متكفلة لثبوت الواقع أو الاتيان به [٢].
[١] أقول : قد أشرنا
ولقد مر منا في مبحث الاشتغال : بأن بناء على الاقتضاء في العلم الاجمالي للموافقة
القطعية لا محيص في الأصول النافية المشتملة على الترخيص على خلاف الواقع من
التخيير ، لان منجزية العلم وعليته لحرمة المخالفة القطعية مانع عن الجمع بينهما ،
ولازمه تقييد العقل جريان كل واحد في ظرف عدم العمل بالآخر ، ولا نعني من التخيير
إلا هذا. كما أنه في الأصول المثبتة الموافقة للمعلوم بالاجمال عملا لا بأس
بجريانها حتى في الاستصحاب المسمى عندهم بالأصول المحرزة ، فراجع ما تلوناه سابقا
بلا احتياج إلى التكرار والاصرار. وبالله عليك! لا تعتني إلى هذا الرعد والبرق ،
فإنه لا يزيدك إلا خسارا!!!.
[٢] أقول : لو لم
يكن قاعدة الطهارة ناظرة ولو تنزيلا إلى إثبات الطهارة الواقعية لابد من الالتزام