وتقدم أيضا :
أنه لا وجه للالتزام بالمصلحة السلوكية ، بل الحق هو أن المجعول في باب الامارات
نفس الطريقية والوسطية في الاثبات ، من دون أن يكون في العمل بها مصلحة سوى مصلحة
الواقع عند الإصابة. ولكن لو قلنا بالمصلحة السلوكية فإنما نقول بها في حال انفتاح
باب العلم والتمكن من إدراك الواقع ، فإنه في هذا الحال يمكن أن يتوهم بقبح التعبد
بالامارات مع كونها قد تخالف الواقع ، لأنه يلزم تفويت مصلحة الواقع على المكلف مع
تمكنه منها بتحصيل العلم. وأما في صورة انسداد باب العلم وعدم تمكن المكلف من
إدراك الواقع : فلا موجب للالتزام بالمصلحة السلوكية ، لأنه لا يلزم من التعبد
بالامارات تفويت مصلحة الواقع ، بل باب الوصول إلى المصالح الواقعية منسد على
المكلف حسب الفرض ، والمقدار الذي يدركه المكلف من إصابة الامارة للواقع خير جاءه
من قبل التعبد بها ، فلا وجه للالتزام بالمصلحة السلوكية في
[١] أقول : قد تقدم
منا في مبحث الاشتغال : بأنه بناء على اقتضاء العلم الاجمالي للموافقة القطعية لا
عليته لا محيص من استفادة التخيير من إطلاق الأصول ، لان المقدار المتيقن من قبل
العقل الحاكم بحرمة المخالفة العملية تنجزيا هو تقيد التعبد بالعمل بكل واحد في
حال عدم العمل بالآخر ، ونتيجته التخيير محضا ولو بنينا فيها على الطريقية ،
فارجاع البحث في المقام إلى مسألة السببية في الطرق أو طريقيتها أجنبي عن المقام.
ثم إن فيما أفاد : من تصور
المصلحة السلوكية على موضوعية الطرق الذي هو راجع إلى المصلحة في تطبيق العمل على
المؤدى لا نفسه ، إنما يحتاج إليه بناء على إمكان إطلاق الحكم الواقعي بمقتضياته
لمرتبة الشك بنفسه ، وإلا فلا قصور لتصور الحكم الفعلي قائمين * بنفس المؤدى في
ظرف الشك بالواقع بلا تضاد بينهما مع اختلاف الرتبة ، مع أن البناء على الأول من
مجرد مصلحة السلوك أيضا لا يكفي للجمع بين الحكمين الفعليين ، كما لا يخفى ، فالالتزام
بمصلحة السلوك على مذهب المخطئة مما لا يغني من جوع! كما لا يخفى. ولعمري! إن فيما
أفيد لا يرى إلا مصادرات محضة ، فتدبر فيها. ولكماته أيضا مواقع نظر أخرى.