الشك في عموم الآخر
، فاسد ، فان الشك في عموم كل منهما إنما يكون مسببا عن العلم الاجمالي بعدم إرادة
العموم في أحدهما ، لامتناع إرادة العموم في كل منهما ثبوتا في مقام الجعل
والتشريع ، وذلك واضح.
فان كان الشك في أحدهما مسببا عن الشك
في الآخر : فلا إشكال في حكومة الاستصحاب السببي على الاستصحاب المسببي ، بل في
حكومة كل أصل سببي على كل أصل مسببي ـ ولو لم يكن الأصل السببي من الأصول المحرزة
ـ إذا كان الأصل السببي واجدا لشرطين :
أحدهما : أن
يكون ترتب المسبب على السبب شرعيا لا عقليا ، بمعنى أن يكون أحد طرفي الشك المسببي
من الآثار الشرعية المترتبة على أحد طرفي الشك السببي ، فالشك في بقاء الكلي لأجل
الشك في حدوث الفرد الباقي خارج عن محل الكلام ، لان بقاء الكلي ببقاء الفرد عقلي
، فلا يكون استصحاب عدم حدوث الفرد حاكما على استصحاب بقاء الكلي ، بل يجري
استصحاب بقاء الكلي في عرض استصحاب عدم حدوث الفرد ، ولا معارضة بينهما ، وقد تقدم
تفصيل ذلك في استصحاب الكلي.
ثانيهما : أن يكون الأصل السببي رافعا
للشك المسببي ، فالشك في جواز الصلاة في الثوب لأجل الشك في اتخاذه من الحيوان
المحلل خارج عن محل الكلام أيضا ، فان أصالة الحل في الحيوان وإن كان تجري ، إلا
أنها لا تقتضي جواز الصلاة في الثوب ، لبقاء الشك في جواز الصلاة فيه على حاله ،
لان أصالة الحل لا تثبت كون الثوب متخذا من الأنواع المحللة ، على ما تقدم بيانه
أيضا في استصحاب الكلي.
فإذا كان الأصل السببي واجدا لهذين
الشرطين فلا ينبغي التأمل في حكومته على الأصل المسببي ، لأنه رافع لموضوعه ، فلا
يمكن أن يعارضه الأصل