التجاوز عن الجزء إنما يكون بالتجاوز عن
محله ، لا عن نفسه ، للشك في وجوده ، فلا يتحقق التجاوز عن نفسه ، ولذلك قبل : إنه
لابد من تقدير المحل الذي يضاف إليه التجاوز.
ولكن يمكن أن يقال : إنه لا حاجة إلى
التقدير ، إذ بعدما نزل الشك في الجزء منزلة الشك في الكل كان نسبة التجاوز إلى
الجزء على الحقيقة ، بتنزيل التجاوز عن المحل منزلة التجاوز عن نفسه [١] فأضيف التجاوز إلى الجزء حقيقة ، كما
هو مسلك السكاكي في باب الاستعارة. وعلى كل حال : المراد من المحل المتجاوز عنه هو
المحل الشرعي ، أي المحل الذي عينه الشارع للجزء حسب ما يدل عليه أدلة الترتيب بين
الاجزاء ، ولا عبرة بالمحل العادي في شيء من الموارد.
وقد ذهب بعض الاعلام إلى اعتبار المحل
العادي في بعض الموارد ، كالشك في التطهير والاستبراء بعد التجاوز عن محلهما
العادي ، وكالشك في غسل الجانب الأيسر لمن اعتاد غسله عقيب غسل الجانب الأيمن بلا
فصل.
وفيه مالا يخفى ، فان فتح باب المحل
العادي يوجب تأسيس فقه جديد ، مع أنه لا عين له في الاخبار. نعم : قد تقتضي العادة
صدق عنوان التجاوز والمضي ونحو ذلك من العناوين المأخوذة في الأدلة.
وتفصيل ذلك : هو أن الجزء المشكوك فيه ،
تارة : يكون هو الجزء الأخير من
[١] أقول : مجرد
التنزيل لا يكفي ، بل يحتاج إلى عناية تنزيل المشكوك منزلة الموجود ، وحينئذ يكفي
هذه العناية لإضافة التجاوز إليه ، بلا احتياج إلى تنزيل الجزء منزلة الكل ، كما
لا يخفى.