منزلة الشك في الكل
في الحكم بعدم الالتفات إليه ، فيكون إطلاق الشيء على الجزء باللحاظ السابق على
التركيب وصار من مصاديق الشيء تعبدا وتنزيلا ، فالكبرى المجعولة الشرعية ليست هي
إلا عدم الاعتناء بالشئ المشكوك فيه بعد التجاوز عنه. ولهذا الكبرى صغريان :
وجدانية تكوينية وهي الشك في الكل بعد الفراغ عنه من غير فرق بين الصلاة وغيرها [١] وصغرى تعبدية تنزيلية وهي الشك في
الجزء في خصوص باب الصلاة.
والذي يدل على هذا التنزيل رواية «
زرارة » و « إسماعيل بن جابر » فيكون المراد من « الشيء » في قوله عليهالسلام « إنما الشك في شيء لم تجزه » [٢] مطلق الشيء مركبا كان أو غير مركب ،
ولا يشمل جزء المركب بما هو جزء في عرض شموله للكل ، بل إنما يشمله بعناية التعبد
بعد تنزيل الجزء منزلة الكل في كونه شيئا بلحاظ المرتبة السابقة على التركيب ، فلم
يستعمل الشيء في الجزء والكل في مرتبة واحدة حتى يقال : إنه لا يصح إطلاق الشيء
على الجزء في مرتبة إطلاقه على الكل ، فيرتفع الاشكال الثاني الذي هو العمدة.
وأما بقية الاشكالات ـ فالانصاف : أنها
ضعيفة يمكن الذب عنها بلا مؤنة.
أما
الاشكال الأول : ففيه أن المراد من
الشك في الشيء إنما هو الشك في وجود الشيء بمفاد كان التامة ، والمشكوك فيه في
قاعدة الفراغ أيضا وجود الكل بمفاد كان التامة ، غايته أن الشك في وجود الكل يكون
مسببا عن الشك
[١] أقول : لو علم
بفوت سجدة في صلاته مع الشك في صحتها بعد الفراغ عنه من جهة الاخلال بالترتيب أو
الموالاة ، لا مجال لاجراء « قاعدة التجاوز » بلحاظ انطباقه على الجزء ، فلا محيص
من إجراء القاعدة بلحاظ الشك في وجود الصحيح ، ومن المعلوم : أن هذا البيان لا
يثبت موضوع قضاء السجدة ، إذ هو من آثار صحة هذه الصلاة ، لا من آثار وجود الصحيح
في العالم ، كما هو ظاهر.