المشكوك فيه ، وفي
قاعدة الفراغ إنما يكون بالتجاوز عن نفس المركب لا عن محله [١].
وخامسا :
متعلق الشك في قاعدة التجاوز إنما هو نفس الجزء ، وأما قاعدة الفراغ : فمتعلق الشك
فيها ليس وجود الكل ، بل هي ظرف للشك ، فلا يمكن أن يجمعهما كبرى واحدة [٢].
ولأجل ذلك التزم بعض الاعلام بتعدد
الكبرى المجعولة الشرعية وأن قاعدة التجاوز بنفسها قاعدة مستقلة لا ربط لها بقاعدة
الفراغ ، ولذلك تختص قاعدة التجاوز بالشك في أجزاء الصلاة ، ولا تطرد في أجزاء سائر
المركبات ، بخلاف قاعدة الفراغ ، فإنها لا تختص بباب دون باب ، بل تعم جميع
الأبواب ـ كما عليه الفقهاء ـ ومع تعدد الكبرى المجعولة الشرعية ترتفع الاشكالات
بحذافيرها.
هذا ، ولكن الانصاف : أن القول بتعدد
الكبرى المجعولة الشرعية بعيد غايته [٣]
فان ملاحظة مجموع الأخبار الواردة في الباب يوجب القطع بأن
[١] أقول : وفيه ما
فيه ، ولا يحتاج فساده إلى البيان ، إذ يكفي في عناية مضي الشيء مضي محله ،
فالتجاوز استعمل في معنى واحد بدالين ، أريد مصداقه الحقيقي بدال والتنزيلي بدال
آخر ، ولا ضير فيه ، فتدبر.
[٢] أقول : لا قصور
في الجامع في الشك بوجود الشيء بين وجود الركوع والصلاة بما هو كل ، كما تقدم. نعم
: بناء على شمول الشيء للإضافات ـ لو كان الشك في الكل من جهة الموالاة مثلا ـ
يبقى مجال إشكال ان في الصلاة ما صدق عليه شيء لا شك فيه ، وإنما الشك في الموالاة
التي لا يصدق عليه شيء ، وحينئذ فلا محل لتعميم الشك في الشيء للشك في الكل الصحيح
لفقد موالاته ، كما لا يخفى.
[٣] أقول : ولا يخفى
على المتدرب ان اخبار الباب على لسانين ـ أحدهما : أن الشك في الوجود ليس بشيء ،
وأخرى : بلسان أن كل شيء سلك فيه مما قد مضى فامضه كما هو ، إذ هو ظاهر في التعبد
بجعله ، كما ينبغي من التمامية ، وهذا اللسان غير لسان التعبد بالغاء الشك في
الوجود والبناء على وجوده كما في الطائفة الأولى. وبقي قوله : « إنما الشك في شيء
لم تجزه » وهذا اللسان أيضا هو لسان قاعدة التجاوز ومختص بالشك في الوجود ، ولا
يرتبط بالشك في صحة الموجود.