ملك ذي اليد بلا سبب
، فدعواه الملكية الفعلية تكون مناقضة لاقراره ، ومقتضى الاخذ باقراره بطلان يده
وعدم سماع دعواه.
وإن ضم إلى إقراره دعوى الانتقال إليه
تنقلب الدعوى ويصير ذو اليد مدعيا للانتقال إليه ، فإنه يخالف قوله الأصل المعول
عليه في المسألة ـ وهو أصالة عدم الانتقال إليه ـ فينطبق على ما ذكرناه في محله في
تشخيص المدعي والمنكر : من أن المدعي هو الذي إذا ترك دعواه وأعرض عنها ترك
وارتفعت الخصومة
المكذب له دعوى عدم
الانتقال ، لا عدم دعوى الانتقال ، إذ يكفي في صحة هذه مجرد احتمال الانتقال إليه
واقعا ، وهو غير دعوى الانتقال ، وفي هذه الصورة أمكن دعوى عدم انتزاع المال ،
لعدم منافاة إقراره مع اليد الكاشفة عن الملكية الفعلية ، كصورة عدم إقراره.
ثم في صورة دعواه الانتقال قد
يجيء في البين شبهة العلامة الأستاذ : بان مجرد عدم امارية اليد على الانتقال لا
يخرج اليد عن الامارة على الملكية الصرفة ، فيبقى ذو اليد على حجته ، فلم ينتزع
المال من يده. وأصالة عدم الانتقال وإن كان مع الطرف ، إلا أنه يكفي لهذا الطرف في
استمساك المال أيضا حجية اليد على الملكية ولا يرفع أحد الحجتين للآخر ، فلا مجال
لانتزاع المال من يده. ومثل هذه الشبهة لا يكاد يرفع بدعوى الانقلاب ، إذ غايته
أصالة عدم الانتقال يجعل مدعيه مدعيا على خلاف الحجة في دعواه ، ولكن ذلك المقدار
لا يقتضي انتزاع المال من يد من بيده المال ، لعدم قصور اليد عن الحجية على صرف
الملكية وإن لم يثبت الانتقال ، وحينئذ الانتزاع المزبور يحتاج إلى بيان مقدمة
أخرى :
وهي أن بناء المشهور على
الانقلاب يقتضي حجية أصالة عدم الانتقال ، إذ معلوم : انه بلا حجية هذا الأصل لا
معنى لكون مخالفه مدعيا ، لعدم قيام حجة على خلافه ، كما هو الظاهر. وحينئذ نقول :
ان حجية هذا الأصل إنما هو بلحاظ ترتيب اثر عدم الانتقال : من بقاء الملكية عليه ،
ومع قيام الامارة على ملكية الغير لا يكاد يترتب عليه الأثر المزبور ، ومع عدمه لا
معنى لحجية الأصل أصلا. وحينئذ قولهم بتقديم قول الآخر بأصله يكشف عن عدم حجية
اليد المزبورة ، فبتلك الشهرة والاجماع يستكشف عدم حجية اليد ، فينتزع المال.
وبمثل هذا البيان نجيب عن الشبهة الصادرة عن الأستاذ أيضا.
ومرجع ما ذكرنا إلى عدم الجمع
بين حجية أصالة عدم الانتقال وحجية اليد ، فمع اقتران الأصل بدعوى الانتقال من
الاجماع على الانقلاب يستكشف حجية الأصل الملازم لعدم حجية اليد ، ومع عدم اقتران
الأصل بدعوى الانقلاب يبقى اليد على حجيتها المستتبع لعدم حجية الأصل ، لعدم الشك
في أثره ، فتدبر.