الحكم ، والمتكفل
لاثبات الامر الأول إنما يكون دليل الحكم بضم مناسبة الحكم والموضوع ، والمتكفل
لاثبات الامر الثاني أخبار الاستصحاب ، لصدق نقض اليقين بالشك عند عدم ترتيب آثار
المتيقن على المشكوك ، فمن مجموع الدليلين ـ أي دليل الحكم ودليل الاستصحاب ـ
يستفاد بقاء الحكم عند ارتفاع العنوان.
فتحصل : أن التعويل على العرف في بقاء
الموضوع في باب الاستصحاب ليس من التعويل عليه في مسامحاته وخطائه في التطبيق ، بل
الوظيفة في أمثال المقام هو التعويل على العرف ، لان نظره هو المتبع.
وقد ظهر مما ذكرنا ثمرة الترديد بين أخذ
الموضوع من العرف أو من العقل أو من الدليل في باب الاستصحاب ، ففي مثال الماء
المتغير الذي زال عنه التغير يجري استصحاب النجاسة مطلقا إن بنينا على أخذ الموضوع
من العرف ، ولا يجري الاستصحاب مطلقا إن بنينا على أخذه من العقل ، التفصيل بين
أخذ عنوان التغير قيدا للموضوع في ظاهر الدليل أو شرطا للحكم ـ ففي الأول لا يجري
الاستصحاب وفي الثاني يجري ـ إن بنينا على أخذ الموضوع من الدليل.
والأقوى :
اتباع نظر العرف في بقاء الموضوع ولا عبرة بنظر العقل ، فإنه لا معنى للرجوع إلى
العقل في مفاهيم الألفاظ وما يستفاد من دليل الحكم وخطاب « لا تنقض » [١] كما أنه لا عبرة بظاهر الدليل بعد ما
كان المرتكز العرفي بحسب مناسبة الحكم والموضوع على خلاف ما يقتضيه ظاهر الدليل
ابتداء ، فإنه بعد الالتفات إلى المرتكز العرفي وما تقتضيه مناسبة الحكم
[١] أقول : ولئن
تأملت فيما أسلفناه لك ، لا ينبغي مجال لهذا الكلام ، كما أنه لا مجال لكلامه
الآخر من قوله : « لا وجه للمقابلة بين الدليل والعرف » إذ لفهم العرف مضمون
الخطاب مقام وللنظر في ارجاع الشك إلى اليقين مقام آخر ، إذ ربما يكون دائرة هذا
النظر أوسع عندهم من الآخر. ولعمري! إن هذه الكلمات من نتايج المغالطة في أساس
المطلب ، فتدبر.