يصدق فيها نقض
اليقين بالشك ، والرجوع إليه في الصدق غير الرجوع إليه في المصداق.
وتوضيح ذلك :
هو أن الألفاظ وإن كانت موضوعة للمعاني النفس الأمرية ، إلا أن تشخيص معنى اللفظ
وتمييزه عما عداه إنما يرع فيه إلى العرف ، فقد يكون المعنى معلوما بالتفصيل بجميع
حدوده وقيوده لدى العرف ، وقد لا يكون معلوما لديهم بالتفصيل وإن كان أصل المعنى
على سبيل الاجمال مرتكزا في ذهنه ، ولذلك قد يشك في صدق المعنى على بعض ماله من
المراتب ، ألا ترى؟ أن مفهوم « الماء » مع أنه من أوضح المفاهيم العرفية كثيرا ما
يحصل الشك في صدقه على بعض الافراد ، كالماء المخلوط بمقدار من التراب على وجه لا
يلحقه اسم الطين.
وبالجملة : الشك في صدق المفهوم على بعض
المراتب والافراد ليس بعزيز الوجود ، بل في غالب المفاهيم العرفية يشك العرف في
صدقها على بعض المراتب. وكون المعنى مرتكزا في ذهنه لا ينافي حصول الشك في الصدق ،
ومن المعلوم : أن المرجع عند الشك في صدق المفهوم على بعض المراتب والافراد إنما
هو العرف. فلو شك في صدق مفهوم الحطب على القصب يرجع فيه إلى العرف ، فان صدق عليه
عنوان الحطب عرفا يثبت له آثار الحطب ، وإن لم يصدق عليه عنوان الحطب عرفا ، فان
صدق عليه عنوان آخر فهو ، وإن استقر الشك وكان العرف بنفسه مترددا في الصدق وعدمه
، فالمرجع هو الأصول العملية. فظهر : أن الرجوع إلى العرف في الصدق غير الرجوع
إليه في المصداق ، فان مورد الرجوع إليه في المصداق إنما هو بعد تبين المفهوم
وتشخيص المعنى ، وهذا هو الممنوع عنه ، لأنه لا عبرة بنظر العرف في المصداق ، بل
لابد من إحراز المصداق بعد أخذ المفهوم من العرف. وأما الرجوع إليه في الصدق : فهو
إنما يكون في مورد إجمال المفهوم وعدم تشخيص المعنى ، ولابد من الرجوع إليه في