لحدوث الحكم فقط ،
وقد عرفت : أن الشك في بقاء الموضوع كالعلم بعدمه يمنع عن جريان الاستصحاب ، فبناء
على اعتبار بقاء الموضوع عقلا لا يجري الاستصحاب إذا كان الشك في بقاء الحكم لأجل
انتفاء بعض خصوصيات الموضوع ، وينحصر الاستصحاب بما إذا كان الشك في بقائه لأجل احتمال
وجود الرافع أو الغاية ، لبقاء الموضوع فيهما حقيقة واتحاد القضية المتيقنة مع
القضية المشكوكة عقلا ، فان عدم الرافع والغاية ليس من قيود الموضوع وحدوده ليرجع
الشك في وجودها إلى الشك في بقاء الموضوع ، بل ينعدم الموضوع بوجود الرافع والغاية
قهرا ، فالرافع ما يكون وجوده معدما للموضوع ، لا أن عدمه قيد فيه ، وكيف يمكن أن
يكون الموضوع مقيدا بما يوجب إعدامه؟ [١].
وبالجملة :
الرافع هو الذي لا يمكن أن يجتمع مع الموضوع في الزمان ، وهذا لا يقتضي أن يكون
عدمه قيدا في الموضوع ، بل لا يمكن ذلك. وكذا الغاية ، فإنها ـ على ما عرفت في
أوائل الاستصحاب ـ عبارة عن الزمان الذي ينتهي إليه أمد الموضوع وعمره ، فلا تكون
عدم الغاية قيدا في الموضوع ، فالشك في بقاء الحكم لأجل الشك في وجود الرافع أو
الغاية لا يرجع إلى الشك في الموضوع ، بل يشك في الحكم مع بقاء الموضوع على ما كان
عليه عقلا ، فتتحد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة حقيقة بالمداقة العقلية ،
فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى عليك : أن المراد من «
الرافع » في المقام ما يقابل المانع ،
[١] أقول : بعد
بطلان علية الوجود ومؤثريته في عدم شيء لاستحالة السنخية بين الوجود والعدم ، فامر
المانع لا يتصور إلا بأحد الأمرين : إما بفرض المضادة بين الوجودين أو بتقيد
الوجود بعدم غيره واخذ هذا التقيد في موضوع الحكم ، ولا مجال للمصير إلى الأول ،
وإلا يخرج عدم المانع عن المقدمية ، وهو غير ملتزم به في جملة من كلماته ، فتعين
الأخير ، ولازمه انتفاء الموضوع بنقيض قيده ، كما هو الشأن في جميع القيود. ومن
العجب! برهانه بأنه كيف يمكن ان يكون الموضوع مقيدا بما يوجب اعدامه؟ إذ ما يوجب
اعدامه هو وجوده ، وهو نقيض القيد ، لا نفسه.