اتحاد القضية
المشكوكة مع القضية المتيقنة ، لاختلاف العقل والعرف والدليل في ذلك ، على ما
سيأتي بيانه ( إن شاء الله تعالى ).
الامر الثاني :
لا إشكال في أن المرجع في مفاهيم الألفاظ ومداليلها إنما هو العرف العام [١] سواء وافق عرف اللغة أو خالفه ، ولا
عبرة باللغة إذا كان العرف العام على خلافها ، فان الألفاظ تنصرف إلى مفاهيمها
العرفية بحسب ما ارتكز في أذهان أهل المحاورات ، فعند تعارض العرف واللغة في مفهوم
اللفظ يحمل على المفهوم العرفي ، سواء كان أعم من المفهوم اللغوي أو أخص منه ، بل
ولو كان مباينا معه لو اتفق ذلك ، فلابد من الرجوع إلى العرف في تشخيص مفهوم
الحنطة والزبيب والعنب والحطب وغير ذلك من الموضوعات الخارجية.
الامر
الثالث : لا عبرة بالمسامحات العرفية في شيء من
الموارد ، ولا يرجع إلى العرف في تشخيص المصاديق بعد تشخيص المفهوم ، فقد يتسامح
العرف في استعمال الألفاظ وإطلاقها على ما لايكون مصداقا لمعانيها الواقعية ، فإنه
كثيرا ما يطلق لفظ « الكر » و « الفرسخ » و « الحقة » وغير ذلك من ألفاظ المقادير
والأوزان على ما ينقص عن المقدار والوزن أو يزيد عنه بقليل.
فالتعويل على العرف إنما يكون في باب
المفاهيم ، ولا أثر لنظر العرف في باب المصاديق ، بل نظره إنما يكون متبعا في
مفهوم « الكر » و « الفرسخ » و « الحقة » ونحو ذلك ، وأما تطبيق المفهوم على المصداق
: فليس بيد العرف ، بل هو يدور مدار الواقع ، فان كان الشيء مصداقا للمفهوم ينطبق
عليه قهرا ، وإن لم يكن مصداقا له فلا يمكن أن ينطبق عليه ، ولو فرض أن العرف
يتسامح أو يخطئ في التطبيق ، فلا يجوز التعويل على العرف في تطبيق المفهوم على
المصداق مع العلم بخطائه أو مسامحته أو مع الشك فيه ، بل لابد من العلم بكون
[١] أقول : بعد
التأمل فيما ذكرنا في المقام ترى بأن هذه المقدمات أجنبية عن المطلب.