العقلية ما يحكم
العقل بالبراءة عند الشك في موضوع حكمه ، كما أوضحناه في بعض المباحث السابقة ،
فعند الشك في القدرة العقل لا يحكم بالبراءة وترتب آثار عدم القدرة ، بل يستقل
بلزوم رعاية احتمال القدرة.
غايته : أن نتيجة حكم العقل بذلك تختلف
، فان النتيجة عند الشك في القدرة العقلية هي وجوب الفحص عنها حتى يظهر الحال ،
كما لو علم بتحقق ما هو المناط والملاك في تكليف المولى برفع الحجر عن الأرض وشك
في القدرة عليه ، فان ضرورة العقل حاكمة بلزوم الفحص عن القدرة إلى أن يتبين العجز
، وليس للعبد الاتكال على الشك وإجراء البراءة عن التكليف.
وأما النتيجة عند الشك في القدرة
العادية ، فهي وجوب ترتيب آثار تحقق التكليف في المشكوك فيه ، ولازم ذلك هو أنه لو
صار المشكوك فيه طرفا للعلم الاجمالي يكون حاله حال سائر موارد العلم الاجمالي بالتكليف
من حيث حرمة المخالفة القطعية ، ولا يجوز إجراء البراءة في الطرف الذي هو داخل في
مورد الابتلاء ، بتوهم أن الشك في ثبوت القدرة العادية في أحد طرفي العلم الاجمالي
يستلزم الشك في التكليف ، فتجري البراءة في الطرف الذي يعلم بامكان الابتلاء به ،
وذلك لما عرفت : من أن العلم بتحقق الملاك يمنع عن الرجوع إلى البراءة ، بل لابد
من العلم بما يوجب سقوط الملاك ، فالشك في المقام ينتج نتيجة الشك في المسقط الذي
يقتضي الاشتغال لا البراءة [١]
[١] أقول : لقد أجاد
فيما أفاد : من أنه مع إحراز المقتضى للتكليف العقل [ لا يحكم بالبرائة ] باحتمال
الموانع الراجعة إلى قصور العبد عن الامتثال ، وأن مصب قبح العقاب بلا بيان إنما
في صورة احتمال قصور في اقتضاء التكليف من ناحية المولى ، وحيث كان كذلك ، فنقول :
لا يرد عليه بأن لازمه لزوم الاجتناب عن المبتلى به حتى مع القطع بخروج الطرف عن
محل الابتلاء كما توهم ، إذ من المعلوم : أن ما هو موضوع حكم العقل بالاحتياط هو
الشك في مثل القدرة الطاري في مورد المصلحة ، وهذا المعنى في الفرض السابق موجود ،
بخلافه في الفرض التالي ، إذ في ظرف وجود المصلحة في الخارج