الزمان ظرفا لوجود
المستصحب لم يكد يجري الاستصحاب ، لما عرفت : من أن حقيقة الاستصحاب إنما هو جر
المستصحب في الزمان ، فلو كان الزمان قيدا لوجود المستصحب فلا يكاد يمكن جريان
الاستصحاب فيه ، لان الوجود المقيد بزمان يباين الوجود في غير ذلك الزمان ، فلا
يجري فيه الاستصحاب ، لأنه يكون من قسرية حكم من موضوع إلى موضوع آخر.
الامر الثاني : إذا علم
من دليل الحكم أو من الخارج لحاظ الزمان قيدا في الحكم أو المتعلق
فتارة : يلاحظ الزمان على وجه
الارتباطية ، أي يلاحظ قطعة من الزمان مجتمعة الآنات متصلة بعضها مع بعض على نحو
العام المجموعي ، فيعتبر وجود الحكم أو المتعلق في مجموع الآنات بحيث لا يخلو آن
منها عن وجود الحكم أو المتعلق ، فلو خلا آن عنهما يرتفع الحكم من أصله ويفوت
المتعلق ولا يمكن بقاء الحكم أو إيجاد المتعلق في الآن الثاني ، كما في باب الصوم
، فان حقيقة الصوم هو الامساك من الطلوع إلى الغروب [١] فقد قيد الامساك بكونه في مجموع آنات
النهار من حيث المجموع ، فيتحقق عصيان الخطاب إذا خلا آن من آنات النهار عن
الامساك ، كما يتحقق عصيان خطاب « أكرم العلماء » عند ترك إكرام فرد من أفراد
العلماء إذا كان المطلوب إكرام مجموع العلماء.
وأخرى : يلاحظ الزمان قيدا للحكم أو
المتعلق على وجه الاستقلالية ، نظير العام الأصولي ، فيكون كل آن من آنات الزمان
يقتضي وجود الحكم أو المتعلق
[١] أقول : ويمكن في
تصور الصوم بجعله عبارة عن الامساك المستمر المحدود أوله بما تقارن الفجر وآخره
بما تقارن الغروب ، بحيث يكون الفجر والغروب معينا للحدين وكاشفا عنهما بنحو الكشف
اللازم عن الملزوم ، فيكون النهار من أوله وآخره توئما مع المرتبة الخاصة من مراتب
الامساك الواجب ، لا انه قيد فيه ، كما لا يخفى. وبمثل هذا التصوير أيضا ربما يفر
عن الشبهة الواردة على الغسل قبل الفجر بناء على بعض التقاريب في إبطال الواجب
التعليقي ، فتدبر.