وإن كان كل
منهما مجهول التاريخ وشك في التقدم والتأخر ، فالأقوى : جريان الاستصحاب في كل
منهما ويسقطان بالمعارضة ، فيقال في المثال : الأصل عدم إسلام الوارث إلى زمان موت
المورث والأصل عدم موت المورث إلى زمان إسلام الوارث ، ولا يثبت بذلك تقارن
الاسلام والموت ، كما تقدم.
وقد ذهب بعض الأعاظم إلى عدم جريان
الأصل في مجهول التاريخ ، لعدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين فيه ، ويعتبر
في الاستصحاب اتصال زمان الشك بزمان اليقين.
ولا يخفى ما
فيه ، فان الشك في كل من الحادثين متصل بيقينه ، لان اتصال الشك باليقين معناه :
أن لا يتخلل بين اليقين والشك يقين آخر يضاد اليقين السابق [١] ولا إشكال في أنه لم يتخلل بين اليقين
بعدم حدوث كل من الحادثين والشك في الحدوث يقين آخر بالحدوث ، ليوجب عدم اتصال
زمان الشك في كل منهما بيقينه ، وذلك وإن كان بمكان من الوضوح ، إلا أنه لا بأس
بزيادة بسط من الكلام فيه لتتميز الموارد التي لا يتصل فيها الشك باليقين.
فنقول : قد عرفت أن اتصال الشك باليقين
إنما يكون بعدم تخلل يقين آخر يضاد اليقين السابق بين النسك واليقين ، كما إذا علم
بوجوب الجلوس من الصبح إلى الزوال وشك في وجوبه بعد الزوال ، فإنه لا يتصل اليقين
بعدم وجوب الجلوس قبل الصبح بالشك في وجوبه بعد الزوال لتخلل اليقين بوجوب الجلوس
من الصبح إلى الزوال بينهما ، فهذه القطعة من الزمان ـ وهي ما بين الصبح والزوال ـ
قد أوجبت انفصال اليقين بعدم الوجوب عن الشك في
[١] أقول : لقد أجاد
فيما أفاد ، ونحن أيضا أوردنا عليه ، ولكن سيأتي أن هذا المقدار لا يجدي في جريانهما
وتعارضهما ، فانتظر لتمام الكلام فيه ( إن شاء الله تعالى ).