فالموضوع للنجاسة هو
الماء وقد انعدم بصيرورة العنب زبيبا ، والباقي في الحالين إنما هو الجرم وهو ليس
موضوعا للنجاسة والحرمة ، والزبيب لا يغلي إلا إذا اكتسب ماء جديدا من الخارج ،
وغليان الماء المكتسب من الخارج ليس موضوعا للنجاسة والحرمة ، فالموضوع لهما قد
ارتفع قطعا ، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا.
تتمة :
لو بنينا على جريان الاستصحاب التعليقي
وكونه مثبتا لنجاسة الزبيب وحرمته عند غليانه ، ففي حكومته على استصحاب الطهارة
والحلية الفعلية الثابتة للزبيب قبل غليانه وعدمه وجهان [١] أقواهما : الأول ، فإنه لا موجب
[١] أقول : والتحقيق
أن يقال : إن الشرط في الحرمة المجعولة مثلا تارة : اخذ شرعا غاية للحلية أو حكم
آخر مضاد له ، وأخرى : لا يكون غاية كذلك للحكم المضاد وإنما هو غاية له عقلا ،
بملاحظة أهمية الحرمة المشروطة حين شرطه وسقوط الوجوب الغير المغيا بالمضادة وحكم
العقل بعدم اجتماع الضدين. فان كان المورد من قبيل الأول : فلا محيص من الحكومة
إجمالا ، لان مرجع استصحاب الحرمة المشروطة إلى بقاء الشرطية للحرمة ولعدم الحكم
الآخر المضاد له المعبر عنه بالغاية ، فيرتفع الحكم المزبور في ظرف الشك أيضا ،
لثبوت غايته ، ففي الحقيقة الحاكم على استصحاب الحكم ليس إلا هذا الاستصحاب الحاصل
في ضمن الاستصحاب الحكم التعليقي الآخر ، وإلا فأحد الحكمين في عرض الآخر وأن ما
هو في طولهما هو جهة بقاء الشرطية والغائية التوئمين في الثبوت للقيد المزبور ،
كما هو ظاهر. وإن كان المورد من قبيل الثاني : فلا مجال للحكومة أصلا ، لان
الحكمين عرضيين والشرطية والغائية أيضا عرضيان ، وما هو في طول الحرمة هو وجود
الشرط والغاية. والأول وإن كان شرعيا فيترتب عليه أثره ، بخلاف الثاني ، فلا مجال
لرفع اليد عن الاستصحاب في الحكم الآخر باستصحاب المشروط بشرطه ، كما هو واضح.
وحينئذ فما أفيد : من تعريف
السببية والمسببية بين نفس الحلية في الزبيب وإطلاق الحرمة المشروطة بالغليان لحال
الزبيبية بحيث يكون أحد الشكين مسببا عن الشك في الآخر ، غلط واضح ، إذ إطلاق حرمة
لحال وثبوت ضده لهذه الحالة من المتضادين ، فلا يكون أحدهما مقدمة لعدم الآخر أو
عدم