من الشيخ قدسسره! حيث إنه شدد النكير على من قال بجعل
السببية والملازمة ، ومع ذلك ذهب إلى جريان استصحاب الملازمة في الاستصحاب
التعليقي.
وثانيا:
إن الملازمة على تقدير تسليم كونها من المجعولات الشرعية فإنما هي مجعولة بين تمام
الموضوع والحكم ، بمعنى أن الشارع جعل الملازمة بين العنب المغلي وبين نجاسته
وحرمته ، والشك في بقاء الملازمة بين تمام الموضوع والحكم لا يعقل إلا بالشك في
نسخ الملازمة ، فيرجع إلى استصحاب عدم النسخ ولا إشكال فيه ، وهو غير الاستصحاب
التعليقي المصطلح عليه. فالانصاف : أن الاستصحاب التعليقي مما لا أسا له ، ولا
يرجع إلى معنى محصل [١].
مع أن القائل
به لا أظن أن يلتزم بجريانه في جميع الموارد ، فإنه لو شك في كون اللباس متخذا من
مأكول اللحم أو من غيره ، فالحكم بصحة الصلاة فيه تمسكا بالاستصحاب التعليقي بدعوى
« أن المكلف لو صلى قبل لبس المشكوك كانت صلاته صحيحة فتستصحب الصحة التعليقية إلى
ما بعد لبس المشكوك والصلاة فيه » مما لا أظن أن يلتزم به القائل بالاستصحاب
التعليقي ، ولو فرض أنه التزم به فهو بمكان من الغرابة!!.
هذا كله مضافا إلى ما في خصوص مثال
العنب والزبيب من المناقشة في الموضوع ، فان الذي ينجس بالغليان إنما هو ماء العنب
لا جرمه إلا تبعا ،
وحينئذ فبعدما كانت
هذه الملازمة ناشئة من جعل الشارع الحكم للمقيد بحيث لولاه لما كان العقل يعتبر
هذه الملازمة أصلا ، وحينئذ فأين قصور في شمول دليل التنزيل لمثله؟ ونظيره السببية
في الأمور الجعلية ، كما تقدم ، وما لا يكون جعليا هو السببية في الأمور الواقعية
، كما شرحناه سابقا. وحينئذ لا منافاة بين كلام الشيخ ، ولا مجال للتعجب بأن هذا
منه شيء عجاب ، كما لا يخفى.
[١] أقول : حاشا من
المنصف لو تأمل فيما ذكرنا ان ينكر الاستصحاب التعليقي بهذا المقدار من البيان!!.