إلى الحكم نسبة
العلة إلى المعلول ، ولا يعقل أن يتقدم الحكم على موضوعه ، والموضوع للنجاسة
والحرمة في مثال العنب إنما يكون مركبا من جزئين : العنب والغليان من غير فرق بين
أخذ الغليان وصفا للعنب ، كقوله : « العنب المغلي يحرم وينجس » أو أخذه شرطا له ،
كقوله : « العنب إذا غلى يحرم وينجس » لان الشرط يرجع إلى الموضوع [١] ويكون من قيوده لا محالة ، فقبل فرض
غليان العنب لا يمكن فرض وجود الحكم ، ومع عدم فرض وجود الحكم لا معنى لاستصحاب
بقائه ، لما تقدم : من أنه يعتبر في الاستصحاب الوجودي أن يكون للمستصحب نحو وجود
وتقرر في الوعاء المناسب له ، فوجود أحد جزئي الموضوع المركب كعدمه لا يترتب عليه
الحكم الشرعي ما لم ينضم إليه الجزء الآخر.
نعم : الأثر المترتب على أحد جزئي
المركب هو أنه لو انضم إليه الجزء الآخر لترتب عليه الأثر ، وهذا المعنى مع أنه
عقلي مقطوع البقاء في كل مركب وجد أحد جزئيه ، فلا معنى لاستصحابه ، وقد تقدم في
مبحث الأقل والأكثر : أنه لا يمكن استصحاب الصحة التأهلية لجزء المركب عند احتمال
طرو القاطع أو المانع ، لان الصحة التأهلية مما لا شك في بقائها ، فإنها عبارة عن
كون الجزء على وجه لو انضم إله الجزء الآخر لترتب عليه الأثر ، ففي ما نحن فيه ليس
للعنب المجرد من الغليان أثر إلا كونه لو انضم إليه الغليان لثبتت حرمته وعرضت
عليه النجاسة ، وهذا المعنى مما لا شك في بقائه ، فلا معنى
[١] لا يخفى : أن
المنع عن جريان الاستصحاب التعليقي لا يتوقف على رجوع الشرط إلى الموضوع وكونه من
قيوده ـ كما لا محيص عنه ـ بل يكفي كون الشرط علة لحدوث النجاسة والحرمة للعنب ،
فإنه مع عدم الغليان لا نجاسة ولا حرمة أيضا ، لانتفاء المعلول بانتفاء علته
كانتفاء الحكم بانتفاء موضوعه ، غايته أنه في الموضوع يدور بقاء الحكم أيضا مدار
بقاء الموضوع ، وفي العلة يمكن أن تكون علة للحدوث فقط ، فالاستصحاب التعليقي لا
يجري على كل حال ( منه ).