العدم ، فكيف يعقل
وقوع التعارض بينهما مع كون التعارض فرع الاجتماع؟.
هذا حاصل ما أفاده الشيخ قدسسره بقوله : « أما أولا ».
ولكن للنظر
فيما أفاده مجال ، فان الظاهر عدم جريان استصحاب العدم الأزلي مطلقا ، وإن اخذ
الزمان قيدا للحكم أو الموضوع ، لان العدم الأزلي هو العدم المطلق الذي يكون كل
حادث مسبوقا به ، وانتقاض هذا العدم بالنسبة إلى كل حادث إنما يكون بحدوث الحادث
وشاغليته لصفحة الوجود ، فلو ارتفع الحادث بعد حدوثه وانعدم بعد وجوده فهذا العدم
غير العدم الأزلي ، بل هو عدم آخر حادث بعد وجود الشئ.
وبعبارة أوضح : العدم المقيد بقيد خاص
من الزمان أو الزماني إنما يكون متقوما بوجود القيد ، كما أن الوجود المقيد بقيد
خاص إنما يكون متقوما بوجود القيد ، ولا يعقل أن يتقدم العدم أو الوجود المضاف إلى
زمان خاص عنه ، فلا يمكن أن يكون لعدم وجوب الجلوس في يوم السبت تحقق في يوم
الجمعة.
وحينئذ نقول : إنه إذا وجب الجلوس إلى
الزوال فالعدم الأزلي انتقض إلى الوجود قطعا [١]
فإذا فرض ارتفاع الوجوب بعد الزوال لاخذ الزوال قيدا
[١]أقول : مرجع أخذ
الزمان قيدا ومفردا للموضوع كون الوجوب الثابت له وجوبا آخر غير ما يثبت للفرد
الآخر ، فقهرا يصير المجعول في المقام فردين من الوجوب ، غاية الامر يكون الفردان
تدريجيان حسب تدريجية موضوعاته المقيدات بالزمان. فعند ذلك نقول : إن كل واحد من
هذه الافراد هل من الحوادث الملازم لسبقه بالعدم أم لا؟ لا سبيل إلى الثاني. كما
أن مرجع حدوث الشيء إلى سبقه بعدم نفسه ، لا بعدم الطبيعة الجامعة بينه وبين غيره
، فإذا كان الفرد الثاني أيضا حادثا فلا محيص من أن يكون وجوده مسبوقا بعدم نفسه ،
ومرجعه إلى سبقه بالعدم المضاف إلى المقيد لا بالعدم المقيد ، إذ العدم المقيد لا
يكون نقيض الوجود المقيد ، كيف! وبارتفاع القيد يلزم ارتفاع النقيضين ، وهو كما
ترى! بل الوجود والعدم طاريان على الماهية المقيدة بنحو يكون القيد في مثلها
مأخوذا في مرتبة ذاتها السابقة في اللحاظ عن مرتبة طرو الوجود والعدم عليه ،
فالوجود والعدم في عالم طروهما على المقيد مرسلتان عن القيد ، كيف! والقيد مأخوذ
في معروض الوجود فكيف يرجع هذا القيد إلى نفسه؟ نعم : هو مانع عن إطلاق الوجود ،