فظهر : أنه لا مانع من استصحاب بقاء
الكلي عند ارتفاع أحد فردي الترديد.
ثم لا يخفى عليك : أن استصحاب بقاء
الكلي إنما يقتضي ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على نفس الكلي لو فرض أنه كان
للكلي أثر شرعي ، كما في مثال الحدث ، فان حرمة مس المصحف قد رتب شرعا على نفس
الحدث الأعم من الأصغر والأكبر ، كما يدل عليه قوله تعالى : « لا يمسه إلا المطهرون
» [١]
والظاهر أنه ليس للحدث الأعم من الأصغر والأكبر أثر آخر رتب عليه شرعا.
وقد يتوهم :
أن عدم جواز الدخول في الصلاة أثر للأعم من الأصغر والأكبر ، فاستصحاب بقاء الحدث
عند العلم بوقوع أحدهما وفعل ما يوجب رفع أحدهما يقتضي عدم جواز الدخول في الصلاة.
وفيه : أن عدم جواز الدخول في الصلاة في
الفرض إنما هو لعدم إحراز الطهارة التي هي شرط للصلاة ، لا لوجود المانع ، فان
الحدث لم يؤخذ مانعا عن الصلاة ، بل الطهارة اخذت شرطا لها.
وعلى كل حال : كل أثر اخذ الكلي موضوعا
له شرعا فباستصحاب بقاء الكلي يثبت ذلك الأثر ، ولا يثبت به الآثار المترتبة على
حدوث الفرد الباقي وإن كان وجود الكلي يلازم كون الحادث هو الفرد الباقي ، إلا على
القول بالأصل المثبت.
فكما يجري استصحاب بقاء الكلي ، كذلك
يجري استصحاب عدم حدوث الفرد الباقي ، وينفي بذلك الآثار المترتبة على وجود الفرد
، إلا إذا كانت الآثار طرفا للعلم الاجمالي ، بأن كان للفرد الزائل أيضا آثار
شرعية ، فيقع التعارض بين الأصول من الجانبين ، ويبقى العلم الاجمالي على حاله
يقتضي الاحتياط