والوضعيات ، كالعاقل
البالغ المستطيع الذي اخذ موضوعا لوجوب الحج وكالعقد المركب من الايجاب والقبول
الذي جعل موضوعا للملكية والزوجية.
وأما شرائط الجعل : فهي عبارة عن
الدواعي والملاكات النفس الأمرية
وهذه اعتبارات
منتزعة عن مقام إبراز الإرادة الخارجية غير مربوط بعالم الجعل.
نعم : لا بأس بدعوى الجعل
بمعنى التكوين والايجاد ، ولو بلحاظ إيجاد المنشأ القهري لا القصدي للاعتبارات
المزبورة ، وهذا المقدار غير مرتبط بعالم الجعلية التي عبارة عن ايقاع نفس المعنى
بقصد ثبوتها بانشائها اللفظي أو الفعلي ، كما هو الشأن في الأحكام الوضعية ،
وحينئذ فكل ما هو يدعوه على إرادته مطلقا أو منوطا هو الداعي على إبراز إرادته ،
من دون فرق فيها بين دواعي الجعل والمجعول ، كما لا يخفى ، فتأمل في أطراف ما
ذكرناه ترى أيضا بطلان إناطة لب الإرادة وإبرازها على وجود موضوع خطابه خارجا ، بل
في ظرف لحاظ الموضوع خارجيا يكون إرادته فعليا ، ففرض وجود الموضوع في التكليفيات
لا يوجب فرض وجود الإرادة ولا فرض إبرازه.
نعم : مرتبة محركيته وفاعليته
خارجا ينوط بوجود الموضوع خارجا ، وهذه المرتبة مرتبة تأثير الخطاب بوجوده لا
مرتبة نفس الخطاب بمضمونه ، ولذا نقول : بأنه ينوط بالعلم بالخطاب أيضا مع حفظ
مضمون الخطاب في ظرف الجهل جزما ، وحينئذ كيف يمكن دعوى فرضية مضمون الخطاب الحاكي
عن لب الإرادة بفرضية موضوعه ، كما هو الشأن في القضايا الحقيقية ، فتدبر.
ثم إن مرتبة المحركية لما كان
ناشئا عن مقام انطباق المراد مع المأتي به خارجا ، فهذا الانطباق تابع كيفية دخل
فرض وجوده في إرادته تبعا لدخله في الاحتياج إلى مرامه ، فتارة : يكون الشيء
بوجوده السابق أو المقارن دخيلا في الاحتياج إليه ، وأخرى : بوجوده لاحقا وفي
موطنه كان دخيلا في الاحتياج إلى الشيء فعلا ، نظير دخل مجيء الضيف في يوم الجمعة
في الاحتياج إلى شراء اللحم في يوم الخميس ، وفي هذه الصورة ربما يختلف مقام
محركية الخطاب من حيث إناطته بوجود الشيء فعلا أم متأخرا.
وتوهم : أن كل ما هو دخيل في
الحكم فلابد من الاخذ في موضوعه وحينئذ يستحيل مجيء الحكم بلا موضوع وكلما يرى من
هذا القبيل لابد من إرجاعه إلى التعقب ، مدفوع بأنه على فرض التسليم لهذه الكلية
نقول : بعدما كان الموضوع للإرادة الفعلية هو فرض وجوده ولو في موطنه فهذا المعنى
لا قصور فيه بالنسبة إلى الوجودات المتأخرة ، وإنما الكلام في مقام محركيته ، ففي
هذا المقام بعدما كانت المحركية من لوازم تطبيقه من البديهي أن تطبيق كل موضوع
يكفيه أخذه ولو لاحقا ، كما هو ظاهر ، فتدبر في المقام ، فإنه من مزال الاقدام من
حيث رميهم الشرائط المتأخرة إلى بداهة البطلان ، مع أنهم لا يأتون فيه إلا رعدا
وبرقا!!.