جميع التقادير :
المجعول الشرعي تأسيسا أو إمضاء إنما هو معنى كلي مترتب على موضوعه ، نحو ترتب
المعلول على علته والعرض على معروضه ،
ثم لا يخفى عليك : أن مرجع الموضوع
والسبب والشرط في باب التكاليف وفي باب الوضعيات إلى معنى واحد ، وهو الامر الذي
رتب الحكم الشرعي عليه ، فقد يعبر عنه بالموضوع وأخرى يعبر عنه بالسبب ، كما أنه
قد يعبر عنه بالشرط ، فيصح أن يقال : إن العقد الكذائي موضوع للملكية أو سبب أو
شرط لها ، وكذا يصح أن يقال : إن الدلوك مثلا موضوع لوجوب الصلاة أو شرط لها أو
سبب ، فان مرجع الجميع إلى أن الشارع رتب الملكية ووجوب الصلاة على العقد ودلوك
الشمس.
نعم : جرى الاصطلاح على التعبير عن
الامر الذي رتب الحكم الوضعي عليه بالسبب فيقال : إن العقد سبب للملكية والزوجية ،
والتعبير عن الامر الذي رتب الحكم التكليفي عليه بالموضوع أو الشرط فيقال : إن
العاقل البالغ المستطيع موضوع لوجوب الحج أو إن الدلوك شرط لوجوب الصلاة ، وهذا
مجرد اصطلاح ، وإلا فبحسب النتيجة كل من الموضوع والشرط والسبب يرجع إلى الآخر ،
وذلك واضح.
ـ الامر السادس ـ
قد تقدم منا أيضا في مبحث الأوامر : أن
شرائط الجعل غير شرائط المجعول [١]
فان شرائط المجعول ـ على ما عرفت ـ عبارة عن موضوعات التكاليف
١ ـ أقول : ما أفيد في الفرق
إنما يتم في الأحكام الوضعية التي قوام حقيقتها بالجعل وأن الجعل واسطة في ثبوتها
، وأما الأحكام التكليفية التي روحها إرادة المولى المبرزة بانشاء أو إخبار فهي
آبية عن مرحلة الجعلية الاعتبارية ، لما تقدم سابقا بأن لب الإرادة وإبرازها ليس
من الجعليات ، بل أحدهما من مقولة الكيف والآخر من مقولة الفعل ، وهما خارجان عن
عالم الاعتبارات الجعلية ، ولم يبق في البين إلا مقام البعث والتحريك والالزام ،