اعتبارها ، ففرق بين
الملكية والفوقية فإنه ليس للفوقية وجود إلا بوجود منشأ انتزاعها ، وأما الملكية
فلها وجود اعتباري ، بل يمكن أن يقال : إن الملكية الاعتبارية إنما تكون من سنخ
الملكية الحقيقية التي هي إحدى المقولات التسع المعبر عنها بالجدة ، فان حقيقة
الملكية هي الواجدية والسلطنة والإحاطة على الشيء ، وهي ذات مراتب أقواها وأتمها
ملكية السماوات والأرضين وما فوقهما وما بينهما وما تحتهما لله ( تعالى ) فان
إحاطة الباري ( تعالى ) وواجديته للسماوات والأرضين أقوى مراتب الواجدية وأعلى
درجات الإحاطة وأي واجدية تكون أقوى من واجدية العلة لمعلولها الذي وجوده يكون من
مراتب وجودها!؟ نظير واجدية النفس للصور المخلوقة لها.
وبالجملة : لا إشكال في أن واجدية الله
( تعالى ) لما سواه أقوى مراتب الواجدية ، ثم دون ذلك واجدية اولي الامر الذين هم
أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فان واجديتهم ـ صلوات الله عليهم ـ إنما تكون من مراتب
واجدية الباري ـ عز اسمه ـ ثم دون ذلك واجدية الشخص لما يملكه من أمواله ، فان
الشخص واجد لما يملك ومحيط عليه وإن لم يكن تحت يده وكان بعيدا عنه ، ثم دون ذلك
الواجدية الحاصلة من إحاطة شيء بشيء ، كالقميص المحيط للبدن عند التقمص والعمامة
المحيطة بالرأس عند التعمم.
فظهر : أنه لا وجه لجعل الجدة خصوص
المرتبة الأخيرة من الواجدية التي هي أضعف المراتب ، وهي الحاصلة من إحاطة شيء
بشيء كالتعمم والتقمص ، بل ينبغي تعميم مقولة الجدة لجميع مراتب الواجدية ، غايته
أنه تارة :
ثم من التأمل فيما
ذكرنا أيضا ظهر لك : أن الملكية ليس من مقولة الجدة الموجبة لاحداث هيئة فيما يحيط
بشيء خارجا ولا من الإضافات المقولية الموجبة لاحداث هيئة أخرى لما يناسب به خارجا
، كيف! ونرى بالوجدان عدم تغير خصوصية خارجية في عين بحدوث ملكية ، بل تمامها نحو
خصوصية ذهنية شبيهة بالخارجيات وإن لم يلتفت إلى ذهنيتها ، كما لا يخفى.